الحب هو مشاعر يسعى بها طرف لطرفٍ آخر، أو كلا الطرفين لبعضهما البعض، ليتشاركان هذه المشاعر الجميلة، ويساندان بعضهما البعض في مراكب الحياة ومحطاتها المختلفة، وقد كان الحب منذ القدم ليومنا هذا سر يتحدث عنه العاشقون ويظهر في عيونهم، ويتحدث عنه الشعراء ويعبرون عنه في قصائدهم التي سنذكر منها أجملها.

قصيدة أعلل قلبي في الغرام

يقول الشاعر أنس الوجود:[١]


أعللُ قلبي في الغــرامِ واكـــتمُ ولكن حالي عن هواي يترجــمُ وإن فاض دمعي قلتُ جرح مقلتي لئـــلا يرى حالي العذول فيفهــــمُ وكنت خالياَ لستُ أعرف ما الهوى فأصبحت حيــــاً والفــؤاد متــيمُ رفعت إليكم قصتي أشتكي بها غرامي ووجدي كي ترقوا وترحموا وسطرتها من دمع عيني لعلـــها بمــا حــل بي منــكم إليــكم تترجــمُ رعــى الله وجــهاَ بالجمــال مبرقعاً لهُ البدرُعبدٌ والكــواكبُ تخــدمُ وأسألــكم من غــير حمل مشقةِ زيارتنا إن الوصــــــــالُ معظـــمُ وهبتُ لكم روحي عسى تقبلوها فلي الوصلِ مني والصدودُ جهم


 

قصيدة يا من تعلق قلبه بجمالنا

تقول الشاعرة ورد وهي ابنة إحدى الوزراء ردًا على الشاعر أنس الوجود في الأبيات السابقة:[١]


يا من تعلق قلبه بجمالنا اصبر لعلك في الهوى تحظى بنا لما علمنا أن حبك صادقٌ وأصاب قلبك ما أصاب فؤادنا زدناك فوق الوصل وصلًا مثله لكن منع الوصل من حجابنا وإذا تجلى الليل من فرط الهوى تتوقد النيران في أحشائنا وجفت مضاجعنا الجنوب وربما قد برح التبريح في أجسامنا الفرض في شرع الهوى كتم الهوى لا ترفعوا المسبول من أستارنا


 

قصيدة كَتَبَ المُحِبُّ إِلى الحَبيبِ رِسالَةً

يقول الشاعر عباس بن الأحنف:[٢]


كَتَبَ المُحِبُّ إِلى الحَبيبِ رِسالَةً وَالعَينُ مِنهُ ما تَجِفُّ مِنَ البُكا وَالجِسمُ مِنهُ قَد أَضَرَّ بِهِ البِلى وَالقَلبُ مِنهُ ما يُطاوِعُ مَن نَهى قَد صارَ مِثلَ الخَيطِ مِن ذِكراكُمُ وَالسَمعُ مِنهُ لَيسَ يَسمَعُ مَن دَعا هَذا كِتابٌ نَحوَكُم أَرسَلتُهُ يَبكي السَميعُ لَهُ وَيَبكي مَن قَرا فيهِ العَجائِبُ مِن مُحِبٍّ صادِقٍ أَطفاهُ حُبُّكِ يا حَبيبَةُ فَاِنطَفا وَصَبَرتُ حَتّى عيلَ صَبري كُلُّهُ وَهَوَيتُكُم يا حِبَّ نَفسي لِلشَّقا وَكَتَمتُ حُبَّكِ فَاِعلَمي وَاِستَيقِني وَالحُبُّ مِن غَيري فَدَيتُكِ قَد أَبى أَفَما لِهَذا حُرمَةٌ مَحفوظَةٌ أَوَ ما لِهَذا يا فَدَيتُكِ مِن جَزا ما إِن صَبا مِثلي جَميلٌ فَاِعلَمي حَقاً وَلا المَقتولُ عُروَةُ إِذ صَبا لا لا وَلا مِثلي المُرَقِّشُ إِذ هَوي أَسماءَ لِلحَينِ المُحَتَّمِ وَالقَضا هاتي يَدَيكِ فَصالِحيني مَرَّةً لِنَسُبَّ مَن بِالصَرمِ يا نَفسي بَدا رُدّي جَوابَ رِسالَتي وَاِستَيقِني أَنَّ الرِسالَةَ مِنكُمُ عِندي شِفا مِنّي السَلامُ عَلَيكُمُ يا مُنيَتي عَدَدَ النُجومِ وَكُلِّ طَيرٍ في السَما


 

قصيدة يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ

يقول الشاعر أحمد شوقي:[٣]


لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ لَقَد أَنَلتُكَ أُذناً غَيرَ واعِيَةٍ وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَداً أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ أَفديكَ إِلفاً وَلا آلو الخَيالَ فِدىً أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ سَرى فَصادَفَ جُرحاً دامِياً فَأَسا وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ مَنِ المَوائِسُ باناً بِالرُبى وَقَناً اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحىً يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ المُضرِماتُ خُدوداً أَسفَرَت وَجَلَت عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفاً أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالغَنَمِ وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبيً يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَمّى جانِبُهُ أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ


 

قصيدة أصابَكَ عشقٌ أم رُميتَ بأسهما

يقول الشاعر يزيد بن معاوية:[٤]


إِذا رُمتُ مِن لَيلى عَلى البُعدِ نَظرَةً تُطَفّي جَوىً بَينَ الحَشا وَالأَضالِعِ تَقولُ نِساءُ الحَيِّ تَطمَعُ أَن تَرى مَحاسِنَ لَيلى مُت بِداءِ المَطامِعِ وَكَيفَ تَرى لَيلى بِعَينٍ تَرى بِها سِواها وَما طَهَّرتَها بِالدامِعِ وَتَلتَذُّ مِنها بِالحَديثِ وَقَد جَرى حَديثُ سِواها في خُروقِ المَسامِعِ أُجِلُّكِ يا لَيلى عَنِ العَينِ إِنَّما أَراكِ بِقَلبٍ خاشِعٍ لكِ خاضِعِ



قصيدة الأطلال

يقول الشاعر إبراهيم ناجي:


يا فؤادي رحم الله الهوى كان صرحاً من خيال فهوى اسقني واشرب على أطلاله واروِ عني طالما الدمع روى كيف ذاك الحب أمسى خبراً وحديثاً من أحاديث الجوى وبساطا من ندامى حلم هم تواروا أبداً وهو انطوى يا رياحا ليس يهدا عصفها نضب الزيت ومصباحي انطفا وأنا أقتات من وهم عفا وأفي العمر لناسٍ ما وفى كم تقلبت على خنجره لا الهوى مال ولا الجفن عفا وإذا القلب على غفرانه كلما غار به النصل عفا



قصيدة قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي

يقول الشاعر ابن الفارض:


قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذي لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَني يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ عَطفاً على رَمقي وما أبقَيتَ لي منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي لم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا تُضِعْ سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ المُرجِفِ واسأَلْ نجومَ اللّيلِ هل زارَ الكَرَى جَفني وكيف يزورُ مَن لم يَعْرِفِ لا غَرْوَ إن شَحّتْ بغُمْضِ جُفُونها عيني وسَحّتْ بالدّموعِ الذّرّفِ وبما جرَى في موقفِ التوديعِ مِنْ ألمِ النّوَى شاهدتُ هَولَ الموقفِ إن لم يكن وْصلٌ لدَيْكَ فعِدْ به أَمَلي وَمَاطِلْ إنْ وَعَدْتَ ولا تفي فالمَطْلُ منكَ لدَيّ إنْ عزّ الوفا يحلو كوَصَلٍ من حبيبٍ مُسْعِفِ



قصيدة الحنين

يقول الشاعر إبراهيم ناجي:[٥]


أمسي يعذبني ويضنيني شوقٌ طغى طغيان مجنون أين الشفاء ولم يعد بيدي إلا أضاليل تُداويني أبغي الهدوء ولا هدوء وفي صدري عبابٌ غير مأمون يهتاج أن لَجَّ الحنين به ويئن فيه أنينَ مطعون ويظل يضرب في أضالعه وكأنها قضبان مسجون ويحَ الحنين وما يجرعني من مُرِّه ويبيت يسقيني ربيته طفلاً بذلت له ما شاء من خفضٍ ومن لينِ فاليوم لمّا اشتدّ ساعده وربا كنوار البساتينِ لَم يرض غير شبيبتي ودمي زاداً يعيش به ويفنيني كم ليلةٍ ليلاء لازمني لا يرتضي خلاً له دوني ألفي له همساً يخاطبني وأرى له ظلاً يماشيني متنفساً لهباً يهبُّ على وجهي كأنفاس البراكينِ ويضمنا الليل العظيم وما كالليل مأوى للمساكينِ



قصيدة أين أذهب

يقول الشاعر نزار قباني:[٦]


لم أعد داريًا.. إلى أين أذهب كل يومٍ.. أحس أنك أقرب كل يوم.. يصير وجهك جزءًا من حياتي.. ويصبح العمر أخصب وتصير الأشكال أجمل شكلًا وتصير الأشياء أحلى وأطيب قد تسربت في مسامات جلدي مثلما قطرة الندى.. تتسرب ..اعتيادي على غيابك صعبٌ واعتيادي على حضورك أصعب كم أنا.. كم أنا أحبك حتى أن نفسي من نفسها.. تتعجب يسكن الشعر في حدائق عينيك فلولا عيناك..لا شعر يكتب منذ أحببتك الشموس استدارت والسموات.. صرنّ أنقي وأرحب منذ أحببتك..البحار جميعًا أصبحت من مياه عينيك تشرب حبك البربري.. أكبر مني فلماذا.. على ذراعيك أصلب؟ خطأي.. أنني تصورت نفسي ملكًا، يا صديقتي، ليس يغلب .. وتصرفت مثل طفلٍ صغير .. يشتهي أن يطول أبعد كوكب سامحيني.. إذا تماديت في الحلم .. وألبستك الحرير المقصب أتمنى.. لو كنت بؤبؤ عيني أتراني طلبت ما ليس يطلب؟ أخبريني من أنت؟ إن شعوري كشعور الذي يطارد أرنب أنت أحلى خرافة في حياتي والذي يتبع الخرافات يتعب



قصيدة كمقهى صغير هو الحب

يقول الشاعر محمود درويش:[٧]


كمقهى صغير على شارع الغرباء هو الحُبُّ... يفتح أَبوابه للجميع. كمقهى يزيد وينقُصُ وَفْق المُناخ: إذا هَطَلَ المطُر ازداد رُوَّادُهُ، وإذا اعتدل الجوُّ قَلُّوا ومَلُّوا.. أنا ههنا – يا غريبةُ – في الركن أجلس ما لون عينيكِ؟ ما اُسمك؟ كيف أناديك حين تَمُرِّين بي، وأنا جالس في انتظاركِ؟ مقهى صغيرٌ هو الحبُّ. أَطلب كأسَيْ نبيذٍ وأَشرب نخبي ونخبك. أَحمل قُبَّعتين وشمسيَّةً. إنها تمطر الآن. تمطر أكثر من أَيّ يوم، ولا تدخلين. أَقول لنفسي أَخيراً: لعلَّ التي كنت أنتظرُ انتظَرَتْني... أَو انتظرتْ رجلاً آخرَ – انتظرتنا ولم تتعرف عليه / عليَّ وكانت تقول: أَنا ههنا في انتظاركَ. ما لون عينيكَ؟ أَيَّ نبيذٍ تحبُّ؟ وما اُسمُكَ؟ كيف أناديكَ حين تمرُّ أَمامي كمقهى صغيرٍ هو الحُبّ


المراجع

  1. ^ أ ب ابراهيم زيدان، نوادر العشاق، صفحة 312. بتصرّف.
  2. عاتكة الخزرجي، العباس بن الأحنف، صفحة 1-2. بتصرّف.
  3. أحمد شوقي، الشوقات، صفحة 229-231. بتصرّف.
  4. للشاعر يزيد بن معاوية، "قصيدة إِذا رُمتُ مِن لَيلى عَلى البُعدِ نَظرَةً"، موسوعة الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2021. بتصرّف.
  5. دار العودة (1980)، ديوان إبراهيم ناجي، بيروت:دار العودة، صفحة 16. بتصرّف.
  6. منشورات نزار قباني، الأعمال الشعرية كاملة نزار قباني، صفحة 695-696. بتصرّف.
  7. محمود درويش (2005)، كزهر اللوز أو أبعد (الطبعة 1)، صفحة 75-76، جزء 1. بتصرّف.