البحتري

هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الله بن يحيى الطائي المعروف بالبحتري، يعود إلى القبيلة اليمنية القحطانية طيّئ، ويعد من أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي، وقد وُلد سنة 206 هجري بقرية تسمى منبج في سوريا والتي يذكرها كثيرًا في قصائده، وقد نشأ في أحضان عشيرته، وأخذ الفصاحة منها، وذهب في سنٍ مبكرٍ إلى الكتاب، وحفظ القرآن الكريم أو جزءاً كبيرًا منه، وحفظ الكثير من الأشعار والخطب، وكان كثير الحضور لحلقات العلماء في المساجد يأخذ منهم اللغة، والنحو، والتفسير، والحديث، وعلم الكلام، وإضافة إلى تأليفه كتابين، "حماسة البحتري" و"معاني الشعر"، كان لدى البحتري ديوان شعري واحد فقط سُمي "ديوان البحتري"..


كما قد ظهرت عند البحتري موهبة نظم الشعر مبكرًا، فصار يكثر من نظمه فيمن عرفهم من عامة أهل قريته، ثم تجاوزها لبلادٍ أكبر ممن حولها، وأراد أن يوجه موهبته الشعرية بشكل أعمق، فارتحل إلى حمص، حيث التقى بأبي تمام، المعروف بشيخ الصناعة الشعرية، ولازمه وجعل منه قدوته في الشعر والأساليب الشعرية، إلى أن أخذ طرقه في البديع والزخرفة، كما قد اشتهر شعره أيضًا بفني الموسيقى والتصوير.


غلب على شعر البحتري المديح، وقلّل الرثاء والهجاء، كما أنه تميّز عن معاصريه من الشعراء بطريقة استفتاحه لقصائده، والتي تمحورت حول وصف طيف الخيال، مثلما استفرد أبو نواس في شعره بأوصاف الخمرة، كما أنه البحتري كان بارعًا ومتقنًا في وصف الطبيعة، من خلال إدراك روحه لمواطن الجمال، وغزارة خياله وخصوبته، إلى أن حظي بشهرة واسعة وصار علّامة للكثير من الشعراء في شعر الطبيعة، خاصةً لدى شعراء الأندلس، وقد توفي في عام 284 هجري.[١][٢]


قصيدة برقٌ أضاء العقيق من ضرمه

يقول البحتري:[٣]


بَرقٌ أَضاءَ العَقيقُ مِن ضَرمِهِ يُكَشِّفُ اللَيلَ عَن دُجى ظُلَمِه ذَكَّرَني بِالوَميضِ حينَ سَرى مِن ناقِضِ العَهدِ ضَوءُ مُبتَسَمِه ثَغرُ حَبيبٍ إِذا تَأَلَّقَ في لَماهُ عادَ المُحِبُّ في لَمَمِه مُهَفهَفٌ يَعطِفُ الوِشاحَ عَلى ضَعيفِ مَجرى الوِشاحِ مُهتَضَمِه يَجذِبُهُ الثِقلُ حينَ يَنهَضُ مِن وَرائِهِ وَالخُفوفُ مِن أَمَمِه إِذا مَشى أُدمِجَت جَوانِبُهُ وَاِهتَزَّ مِن قَرنِهِ إِلى قَدَمِه قاد حالَ مِن دونِهِ البِعادُ وَتَش ريقُ صُدورِ المَطِيِّ في لَقَمِه أَشتاقُهُ مِن قُرى العِراقِ عَلى تَباعُدِ الدارِ وَهوَ في شَأَمِه أَحبِب إِلَينا بِدارِ عَلوَةَ مِن بَطياسَ وَالمُشرِفاتِ مِن أَكَمِه باسِطُ رَوضٍ تَجري يَنابِعُهُ مِن مُرجَحِنِّ الغَمامِ مُنسَجِمِه يَفضُلُ في آسِهِ وَنَرجِسِهِ نَعمانَ في طَلحِهِ وَفي سَلَمِه أَرضٌ عَذاةٌ وَمَشرَفٌ أَرِجٌ وَماءُ مُزنِ يَفيضُ مِن شَبَمِه هَل أَرِدُ العَذبَ مِن مَناهِلِهِ أَو أَطرُقُ النازِلينَ في خِيَمِه مَتى تَسَل عَن بَني ثَوابَةَ يُخبِر كَ السَحابُ المَحبوكُ عَن دِيَمِه تُبِلُّ مِن مَحلِها البِلادُ بِهِم كَما يُبِلُّ المَريضُ مِن سَقَمِه أَقسَمتُ بِاللَهِ ذي الجَلالَةِ وَالعِز ومِثلِيَ مَن بَرَّ في قَسَمِه وَبِالمُصَلّى وَمَن يُطيفُ بِهِ وَالحَجَرِ المُبتَغى وَمُستَلِمِه إِذا إِشرَأَبّوا لَهُ فَمُلتَمِسٌ بِكَفِّهِ أَو مُقَبِّلٌ بِفَمِه أَنَ المَعالي سَلَكَن قَصدَ أَبي العَبّا سِ حَتّى عُدِدنَ مِن شِيَمِه مُعَظَّمٌ لَم يَزَل تَواضُعُهُ لِآمِليهِ يَزيدُ في عِظَمِه غَيرُ ضَعيفِ الوَفاءِ ناقِصِهِ وَلا ظَنينِ التَدبيرِ مُتَّهَمِه ما السَيفُ عَضباً يُضيءُ رونَقُهُ أَمضى عَلى النائِباتِ مِن قَلَمِه حامى عَنِ المَكرُماتِ مُجتَهِداً جُهدَ المُحامي عَن مالِهِ وَدَمِه ما خالَفَ المُلكُ حالَتَيهِ وَلا غَيَّرَ عِزُّ السُلطانِ مِن كَرَمِه تَمَّ عَلى عَهدِهِ القَديمِ لَنا وَالسَيلُ يَجري عَلى مَدى أَمَمِه يَدنو إِلَينا بِالأُنسِ وَهوَ أَخٌ لِلنَجمِ في بَأوِهِ وَفي بُذُمِه



قصيدة أَبى اللَيلُ إِلّا أَن يَعودَ بِطولِهِ

يقول البحتري:[٤]


أَبى اللَيلُ إِلّا أَن يَعودَ بِطولِهِ عَلى عاشِقٍ نَزرِ المَنامِ قَليلِهِ إِذا ما نَهاهُ العاذِلونَ تَتابَعَت لَهُ أَدمُعٌ لا تَرعَوي لِعَذولِهِ لَعَلَّ اِقتِرابَ الدارِ يَثني دُموعَهُ فَيُقلِعَ أَو يَشفي جَوىً مِن غَليلِهِ وَمازالَ تَوخيدُ المَطايا وَطَيُّها بِنا البُعدَ مِن حَزنِ المَلا وَسُهولِهِ إِلى أَن بَدا صَحنُ العِراقِ وَكُشِّفَت سُجوفُ الدُجى عَن مائِهِ وَنَخيلِهِ يَظَلُّ الحَمامُ الوُرقُ في جَنَباتِهِ يُذَكِّرُنا أَحبابَنا بِهَديلِهِ فَأَحيَت مُحِبّاً رُؤيَةٌ مِن حَبيبِهِ وَسَرَّت خَليلاً أَوبَةٌ مِن خَليلِهِ بِنُعمى أَميرِ المُؤمِنينَ وَفَضلِهِ غَدا العَيشُ غَضّاً بَعدَ طولِ ذُبولِهِ إِمامٌ رَآهُ اللَهُ أَولى عِبادِهِ بِحَقٍّ وَأَهداهُم لِقَصدِ سَبيلِهِ خَليفَتُهُ في أَرضِهِ وَوَلِيُّهُ ال رَضِيُّ لَدَيهِ وَابنُ عَمِّ رَسولِهِ وَبَحرٌ يَمُدُّ الراغِبونَ عُيونَهُم إِلى ظاهِرِ المَعروفِ فيهِم جَزيلِهِ تَرى الأَرضَ تُسقى غَيثَها بِمُرورِهِ عَلَيها وَتُكسى نَبتَها بِنُخولِهِ أَتى مِن بِلادِ الغَربِ في عَدَدِ النَقا نَقا الرَملِ مِن فُرسانِهِ وَخُيولِهِ فَأَسفَرَ وَجهُ الشَرقِ حَتّى كَأَنَّما تَبَلَّجَ فيهِ البَدرُ بَعدَ أُفولِهِ وَقَد لَبِسَت بَغدادُ أَحسَنَ زِيِّها لِإِقبالِهِ وَاِستَشرَفَت لِعُدولِهِ وَيَثنيهِ عَنها شَوقُهُ وَنِزاعُهُ إِلى عَرضِ صَحنِ الجَعفَرِيِّ وَطولِهِ إِلى مَنزِلٍ فيهِ أَحِبّاؤُهُ الأُلى لِقاؤُهُمُ أَقصى مُناهُ وَسولِهِ مَحَلٌّ يَطيبُ العَيشَ رِقَّةُ لَيلِهِ وَبَردُ ضُحاهُ وَاِعتِدالُ أَصيلِهِ لَعَمري لَقَد آبَ الخَليفَةُ جَعفَرٌ وَفي كُلِّ نَفسٍ حاجَةٌ مِن قُفولِهِ دَعاهُ الهَوى مِن سُرَّ مَن راءَ فَاِنكَفا إِلَيها اِنكِفاءَ اللَيثِ تِلقاءَ غيلِهِ عَلى أَنَّها قَد كانَ بُدِّلَ طيبُها وَرُحِّلَ عَنها أُنسُها بِرَحيلِهِ وَإِفراطُها في القُبحِ عِندَ خُروجِهِ كَإِفراطِها في الحُسنِ عِندَ دُخولِهِ لِيَهنِ اِبنَهُ خَيرَ البَنينَ مُحَمَّداً قُدومُ أَبٍ عالي المَحَلِّ جَليلِهِ غَدا وَهوَ فَردٌ في الفَضائِلِ كُلِّها فَهَل مُخبِرٌ عَن مِثلِهِ أَو عَديلِهِ وَإِنَّ وُلاةَ العَهدِ في الحِلمِ وَالتُقى وَفي الفَضلِ مِن أَمثالِهِ وَشُكولِهِ



قصيدة أَتُراهُ يَظُنُّني أَو يَراني

يقول البحتري:[٥]


أَتُراهُ يَظُنُّني أَو يَراني ناسِياً عَهدَهُ الَّذي استَرعاني لا وَمَن مَدَّ غايَتي في هَواهُ وَبلاني مِنهُ بِما قَد بَلاني سَكَنٌ يَسكُنُ الفُؤادَ عَلى ما فيهِ مِن طاعَةٍ وَمِن عِصيانِ شَدَّ ما كَثَّرَ الوُشاةُ وَلامَ الناسُ في حُبِّ ذَلِكَ الإِنسانِ أَيُّها الآمِري بِتَركِ التَصابي رُمتَ مِنّي ما لَيسَ في إِمكاني خَلِّ عَنّي فَما إِلَيكَ رَشادي مِن ضَلالي وَلا عَلَيكَ ضَماني وَنَديمٍ نَبَّهتُهُ وَدُجى اللَيلِ وَضَوءُ الصَباحِ يَعتَلِجانِ قُم نُبادِر بِها الصِيامَ فَقَد أَق مَرَ ذاكَ الهِلالُ مِن شَعبانِ بِنتَ كَرَمٍ يَدنو بِها مُرهَفُ القَدِّ غَريرُ الصِبا خَضيبُ البَنانِ أُرجُوانِيَّةً تُشَبَّهُ في الكَأسِ بِتُفّاحِ خَدِّهِ الأُرجُواني باتَ أَحلى لَدَيَّ مِن سِنَةِ النَومِ وَأَشهى مِن مُفرِحاتِ الأَماني لِلإِمامِ المُعتَزِّ بِاللَهِ إِعزا زٌ مِنَ اللَهِ قاهِرِ السُلطانِ مَلِكٌ يَدرَءُ الإِساءَةَ بِالعَفوِ وَيَجزي الإِحسانَ بِالإِحسانِ سَل بِهِ تَخبَرِ العَجيبَ وَإِن كانَ السَماعُ المَأثورُ دونَ العِيانِ وَتَأَمَّلهُ مِلءَ عَينَيكَ فَاُنظُر أَيَّ راضٍ في اللَهِ أَو غَضبانِ بَسطَةٌ تَرهَقُ النُجومَ وَمُلكٌ عَظُمَت فيهِ مَأثُراتِ الزَمانِ أَذَعَنَ الناكِثونَ إِذ أَلقَتِ الحَربُ عَلَيهِم بِكَلكَلٍ وَجِرانِ فَفُتوحٌ يَقصُصنَ في كُلِّ يَومٍ شَأنَذ قاصٍ مِنَ الأَعادي وَدانِ كُلُّ رَكّاضَةٍ مِنَ البُردِ يَغدو ال ريشُ أَولى بِها مِنَ العُنوانِ قَد أَتانا البَشيرُ عَن خَبَرِ الخابورِ بِالصِدقِ ظاهِراً وَالبَيانِ عَن زُحوفٍ مِنَ الأَعادي وَيَومٍ مِن أَبي الساجِ فيهِم أَرونانِ حَشَدَت مَربَعاءُ فيهِ مَردٌ وَقُصورُ البَليخِ وَالمازِجانِ وَتَوافَت حَلائِبُ السَلطِ وَالمُرَج جينَ مِن دابِقٍ وَمِن بُطنانِ تَثَنّى الرِماحُ وَالحَربُ مَشبو بُن لَظاها تَثَنّى الخَيزُرانِ كُلَّما مالَ جانِبٌ مِن خَميسٍ عَدَّلَتهُ شَواجِرُ الخِرصانِ فَلَجَت حُجَّةُ المَوالي ضِراباً وَطِعاناً لَمّا التَقى الخَصمانِ فَقَتيلٌ تَحتَ السَنابِكِ يَدمى وَأَسيرٌ يُراقِبُ القَتلَ عانِ لَم تَكُن صَفقَةُ الخِيارِ عَشِيّاً لِاِبنِ عَمرٍو فيها وَلا صَفوانِ جَلَبتَهُم إِلى مَصارِعِ بَغيٍ عَثَراتُ الشَقاءِ وَالخِذلانِ أَسَفاً لِلحُلومِ كَيفَ استَخَّفَت بِغُلُوِّ الإِسرافِ وَالطُغيانِ كَيفَ لَم يَقبَلوا الأَمانَ وَقَد كا نَت حَياةٌ لِمِثلِهِم في الأَمانِ يا إِمامَ الهُدى نُصِرتَ وَلا زِلتَ مُعاناً بِالِيُمنِ وَالإيمانِ عَزَّ دينُ الإِلَهِ في الشَرقِ وَالغَربِ بِبيضِ الأَيّامِ مِنكَ الحِسانِ وَاِضمَحَلَّ الشِقاقُ في الأَرضِ مُذ طاعَ لَكَ المَشرِقانِ وَالمَغرِبانِ لَم تَزَل تَكلأُ البِلادَ بِقَلبٍ أَلمَعِيٍّ وَناظِرٍ يَقظانِ إِنَّما يَحفَظُ الأُمورَ وَيُتوي هِنَّ بِحَزمٍ مُواشِكٍ أَو تَوانِ ما تَوَلّى قَلبي سِواكُم وَلا مالَ إِلى غَيرِكُم بِمَدحٍ لِساني شَأني الشُكرُ وَالمَحَبَّةُ مُذ كُنتُ وَحَقٌّ عَلَيكَ تَعظيمُ شاني ضَعَةٌ بي إِن لَم أَنَل بِمَكاني مِنكَ عِزّاً مُستَأنَفاً في مَكاني



قصيدة شَوقٌ إِلَيكَ تَفيضُ مِنهُ الأَدمُعُ

يقول البحتري:[٦]


شَوقٌ إِلَيكَ تَفيضُ مِنهُ الأَدمُعُ وَجَوىً عَلَيكَ تَضيقُ مِنهُ الأَضلُعُ وَهَوىً تُجَدِّدُهُ اللَيالي كُلَّما قَدُمَت وَتَرجِعُهُ السِنونَ فَيَرجَعُ إِنّي وَما قَصَدَ الحَجيجُ وَدونَهُم خَرقٌ تَخُبُّ بِهِ الرِكابُ وَتوضِعُ أُصفيكَ أَقصى الوِدِّ غَيرَ مُقَلَّلِ إِن كانَ أَقصى الوِدِّ عِندَكِ يَنفَعُ وَأَراكِ أَحسَنَ مَن أَراهُ وَإِن بَدا مِنكِ الصُدودُ وَبانَ وَصلُكِ أَجمَعُ يَعتادُني طَربي إِلَيكِ فَيَغتَلي وَجدي وَيَدعوني هَواكِ فَأَتبَعُ كَلِفٌ بِحُبِّكِ مولَعٌ وَيَسُرُّني أَنّي امرُؤٌ كَلِفٌ بِحُبِّكِ مولَعُ شَرَفاً بَني العَبّاسِ إِنَّ أَباكُمُ عَمُّ النَبِيِّ وَعيصُهُ المُتَفَزِّعُ إِنَّ الفَضيلَةَ لِلَّذي اِستَسقى بِهِ عُمَرٌ وَشُفِّعَ إِذ غَدا يَستَشفِعُ وَأَرى الخِلافَةَ وَهيَ أَعظَمُ رُثبَةٍ حَقّاً لَكُم وَوِراثَةً ما تُنزَعُ أَعطاكُموها اللَهُ عَن عِلمٍ بِكُم وَاللَهُ يُعطي مَن يَشاءُ وَيَمنَعُ



قصيدة تُرى اللَيلُ يَقضي عُقبَةً مِن هَزيعِهِ

يقول البحتري:[٧]


تُرى اللَيلُ يَقضي عُقبَةً مِن هَزيعِهِ أَوِ الصُبحُ يَجلو غُرَّةً مِن صَديعِهِ أَوِ المَنزِلُ العافي يَرُدُّ أَنيسَهُ بُكاءً عَلى أَطلالِهِ وَرُبوعِهِ إِذا اِرتَفَقَ المُشتاقُ كانَ سُهادُهُ أَحَقَّ بِجَفنَي عَينِهِ مِن هُجوعِهِ وَلوعَكَ إِنَّ الصَبَّ إِمّا مُتَمِّمٌ عَلى وَجدِهِ أَو زائِدٌ في وَلوعِهِ وَلا تَتَعَجَّب مِن تَماديهِ إِنَّها صَبابَةُ قَلبٍ مُؤيِسٍ مِن نُزوعِهِ وَكُنتُ أُرَجّى في الشَبابِ شَفاعَةً وَكَيفَ لِباغي حاجَةٍ بِشَفيعِهِ مَشيبٌ كَنَثِّ السِرِّ عَيِّ بِحَملِهِ مُحَدِّثُهُ أَو ضاقَ صَدرُ مُذيعِهِ تَلاحَقَ حَتّى كادَ يَأتي بَطيئُهُ بِحَثِّ اللَيالي قَبلَ أَتيِ سَريعِهِ أَخَذتُ لِهَذا الدَهرِ أُهبَةَ صَرفِهِ وَلَمّا أُشارِك عاجِزاً في هُلوعِهِ وَلَم تُبنَ دارُ العَجزِ لِلمُحلِسِ الَّذي مَطِيَّتُهُ مَشدودَةٌ بِنُسوعِهِ وَلَيسَ اِمرَأً إِلّا اِمرُؤٌ ذَهَبَت بِهِ قَناعَتُهُ مُنحازَةً عَن قُنوعِهِ إِذا صَنَعَ الصَفّارُ سوءً لِنَفسِهِ فَلا تَحسُدِ الصَفّارَ سوءَ صَنيعِهِ وَكانَ اِختِيالُ العِلجِ مِن عَطَشِ الرَدى إِلى نَفسِهِ شَرِّ النُفوسِ وَجوعِهِ عَبا لِجَميعِ الخَرِّ هِمَّةَ مائِقٍ وَقَد كانَ يَكفي بَعضُهُ مِن جَميعِهِ



قصيدة طَيفُ الحَبيبِ أَلَمَّ مِن عُدَوائِهِ

يقول البحتري:[٨]


طَيفُ الحَبيبِ أَلَمَّ مِن عُدَوائِهِ وَبَعيدِ مَوقِعِ أَرضِهِ وَسَمائِهِ جَزَعَ اللِوى عَجِلاً وَوَجَّهَ مُسرِعاً مِن حَزنِ أَبرَقِهِ إِلى جَرعائِهِ يُهدي السَلامَ وَفي اِهتِداءِ خَيالِهِ مِن بُعدِهِ عَجَبٌ وَفي إِهدائِهِ لَو زارَ في غَيرِ الكَرى لَشَفاكَ مِن خَبَلِ الغَرامِ وَمِن جَوى بُرَحائِهِ فَدَعِ الهَوى أَو مُت بِدائِكَ إِنَّ مِن شَأنِ المُتَيَّمِ أَن يَموتَ بِدائِهِ وأَخٍ لَبِستُ العَيشَ أَخضَرَ ناضِراً بِكَريمِ عِشرَتِهِ وَفَضلِ إِخائِهِ ما أَكثَرَ الآمالَ عِندي وَالمُنى إِلّا دِفاعُ اللَهِ عَن حَوبائِهِ وَعَلى أَبي نوحٍ لِباسُ مَحَبَّةٍ تُعطيهِ مَحضَ الوُدِّ مِن أَعدائِهِ تُنبي طَلاقَةُ بِشرِهِ عَن جودِهِ فَتَكادُ تَلقى النُجحَ قَبلَ لِقائِهِ وَضِياءُ وَجهٍ لَو تَأَمَّلَهُ اِمرُؤٌ صادي الجَوانِحِ لَاِرتَوى مِن مائِهِ وَبَعيدِ مَوقِعِ أَرضِهِ وَسَمائِهِ جَزَعَ اللِوى عَجِلاً وَوَجَّهَ مُسرِعاً مِن حَزنِ أَبرَقِهِ إِلى جَرعائِهِ يُهدي السَلامَ وَفي اِهتِداءِ خَيالِهِ


المراجع

  1. عقيل الطيب، صالح آدم، أثر الإسلام في شعر البحتري، صفحة 20-30. بتصرّف.
  2. "البحتري"، الموسوعة العربية.
  3. البحتري، ديوان البحتري، صفحة 238-239.
  4. البحتري، ديوان البحتري، صفحة 159-160.
  5. البحتري، ديوان البحتري، صفحة 276-277.
  6. البحتري، ديوان البحتري، صفحة 75-76.
  7. البحتري، ديوان البحتري، صفحة 90-91.
  8. البحتري ، ديوان البحتري، صفحة 70-80.