يتعرض كل واحد منا في حياته لمواقف عديدة مؤلمة قد تترك في نفسه شيئًا من الحزن والتشاؤم نحو ما هو قادم وتُثنيه عن المُضيّ قُدُمًا في طريق الحياة، لكن ينبغي عدم الاستسلام لتلك المشاعر، ولا بدّ من النظر للحياة من جانبها المشرق وترك فسحة للأمل لمواجهة الصعاب وتخطّي العقبات، وقد ورد عن العديد من الشعراء أبيات جميلة تزرع الأمل في نفس قارئها وتُحفّزه للنهوض من جديد، وفي هذا المقال ذكر لبعض من الأبيات التي قيلت في الأمل والتفاؤل في الحياة.


قصيدة ابتسم

يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:[١]


قالَ السَماءُ كَئيبَةٌ وَتَجَهَّما قُلتُ اِبتَسِم يَكفي التَجَهّمُ في السَما قالَ الصِبا وَلّى فَقُلتُ لَهُ اِبتَسِم لَن يُرجِعَ الأَسَفُ الصِبا المُتَصَرِّما قالَ الَّتي كانَت سَمائِيَ في الهَوى صارَت لِنَفسِيَ في الغَرامِ جَهَنَّما خانَت عُهودي بَعدَما مَلَّكتُها قَلبي فَكَيفَ أُطيقُ أَن أَتَبَسَّما قُلتُ اِبتَسِم وَاِطرَب فَلَو قارَنتَها قَضَّيتَ عُمرَكَ كُلَّهُ مُتَأَلِّما قالَ التِجارَةُ في صِراعٍ هائِلٍ مِثلُ المُسافِرِ كادَ يَقتُلَهُ الظَما أَو غادَةٍ مَسلولَةٍ مُحتاجَةٍ لِدَمٍ وَتَنفُثُ كُلَما لَهَثَت دَما قُلتُ اِبتَسِم ما أَنتَ جالِبَ دائِها وَشِفائِها فَإِذا اِبتَسَمتَ فَرُبَّما أَيَكونُ غَيرُكَ مُجرِماً وَتَبيتُ في وَجَلٍ كَأَنَّكَ أَنتَ صِرتَ المُجرِما قالَ العِدى حَولي عَلَت صَيحاتُهُم أَأُسَرُّ وَالأَعداءُ حَولِيَ الحِمى قُلتُ اِبتَسِم لَم يَطلُبوكَ بِذَمِّهِم لَو لَم تَكُن مِنهُم أَجَلَّ وَأَعظَما قالَ المَواسِمُ قَد بَدَت أَعلامُها وَتَعَرَّضَت لي في المَلابِسِ وَالدُمى وَعَلَيَّ لِلأَحبابِ فَرضٌ لازِمٌ لَكِنَّ كَفّي لَيسَ تَملُكُ دِرهَما قُلتُ اِبتَسِم يَكفيكَ أَنَّكَ لَم تَزَل حَيّاً وَلَستَ مِنَ الأَحِبَّةِ مُعدَما قالَ اللَيالي جَرَّعَتني عَلقَماً قُلتُ اِبتَسِم وَلَئِن جَرَعتَ العَلقَما فَلَعَلَّ غَيرَكَ إِن رَآكَ مُرَنَّماً طَرَحَ الكَآبَةَ جانِباً وَتَرَنَّما أَتُراكَ تَغنَمُ بِالتَبَرُّمِ دِرهَماً أَم أَنتَ تَخسَرُ بِالبَشاشَةِ مَغنَما يا صاحِ لا خَطَرٌ عَلى شَفَتَيكَ أَن تَتَلَثَّما وَالوَجهِ أَن يَتَحَطَّما فَاِضحَك فَإِنَّ الشُهبَ تَضحَكُ وَالدُجى مُتَلاطِمٌ وَلِذا نُحِبُّ الأَنجُما قالَ البَشاشَةُ لَيسَ تُسعِدُ كائِناً يَأتي إِلى الدُنيا وَيَذهَبُ مُرغَما قُلتُ اِبتَسِم ما دامَ بَينَكَ وَالرَدى شِبرٌ فَإِنَّكَ بَعدُ لَن تَتَبَسَّما



قصيدة إشراقة أمل

يقول الشاعر عبد الرحمن العشماوي من قصيدة إشراقة أمل:[٢]


ستار ظلام الليل سوف يجاب وتسقى بأضواء الصباح رحابُ وسوف يبين الفجر ما كان خافياً ويفتح من بعد التغلق بابُ وتشدو عصافير المنى بعد صمتها ويخلع ثوب الشؤم عنه غرابُ وتخلص من معنى التشاؤم بومةً لها لغة من حبها وخطابُ وما الشؤم إلا في نفوسٍ مريضةٍ عليها من اليأس الثقيل حجابُ أقول لمن زلَّ الطريق بخطوهِ ومَنْ عَزْمُهُ عندَ الخطوبِ يُذابُ سيمنحنا وجهُ الهلال استدارةً ويفتحُ باباً في الظلامِ شِهابُ ستورِقُ أشجار الوفاء وترتمي قشورٌ، ويبقى للصَّبورِ لُبابُ ستخصبُ أرضُ الحب منْ بعدِ جدْبها ويُسْعفها بعدَ الجفافِ سحابٌ



قصيدة تجعل النفس حسرى

يقول الشاعر محمد بن شيخان السالمي:[٣]


تجعل النفس حَسرى إلْفَ أَنّتِها من المقادير إذ جاءت برَنّتها وتصبحنَّ مُراعاً من أسنّتها دع المقادير تجري في أعنّتها ولا تبيتن إلا خاليَ البالِ وللمقادير أحكام بعادتها تقضي على كل حال باستحالتها في أسرع الوقت تغيير لحالتها ما بين غمضة عين وانتباهتها يبدّل الله من حال إلى حالِ



قصيدة إرادة الحياة

يقول الشاعر أبو القاسم الشابي من قصيدة إرادة الحياة:[٤]


إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ ودَمْدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجاجِ وفوقَ الجبالِ وتحتَ الشَّجرْ إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرُّعودِ وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ



قصيدة طائر الأماني

يقول الشاعر أحمد مطر في قصيدته طائر الأماني:[٥]

لو بَقِيَتْ لي لحظةٌ واحدةً

فَسوفَ أحياها لأَقصاها

آخُذُها بشَوقِ مأَخوذ بها

شُكراً لِمَنْ مَنَّ فأعطاها.

أُفرِغُ مِن ذِكْري بها

ما يَجعلُ النِّسيانَ ينَساها!

أعيشُها كأنَّها

مِن لَحظاتِ العُمْرِ أحلاها وأغلاها.

إنْ أشرقَتْ..

فَعَيْشُها يُسعِدُ قلبَ سَعْدِها

وإن دَجَتْ..

فإنّه.. يُغيظُ بَلواها!


***

لو بَقِيَتْ لي لَفظةٌ واحدةٌ

فَسوفَ أحشو بالدُّنا فاها

وَسوفَ أُعلي صوتَها

كأنّما لَمْ تُخلَقِ الأسماعُ لولاها!

إن أزْهَرَتْ..

مَدَّتْ لأذواقِ الوَري

رَحيقَ صَوْتِ لَحنِها

وَسِحْرَ صَمْتِ كونِها

وَداعبَتْ أنفاسَهُمْ بعِطْرِ مَعناها.

وإن ذَوَتْ..

فَحسْبُها أن تُورِثَ النّاسَ لَها

في البَذْرِ أشباها!


***

بلَحظةٍ مِنَ المُني

وَلَفظةٍ مِنّي أنا

سَوفَ أطيرُ بالدُّنا

فَوقَ دَناياها

والبَهاءِ وَالسَّنا أحوي مُحَيّاها.

فإن دَنَتْ مَنِيَّتي

فَسوفَ لن تلقي هُنا

إلاّ مَناياها!

المراجع

  1. "ابتسم"، هنداوي. بتصرّف.
  2. "إشراقة أمل"، الديوان. بتصرّف.
  3. "دع المقادير تجري في أعنّتها"، ديوان العرب. بتصرّف.
  4. أحمد حسن، ديوان أبي القاسم الشابي، صفحة 70. بتصرّف.
  5. "طائر الأماني"، الديوان. بتصرّف.