قصة قصيدة أبي نواس عند موته

وردت حول هذه القصيدة لأبي نواس قصة غريبة؛ فقد رُوي أنّ واحدًا من أصدقاء أبي نواس يُدعى محمد بن نافع رآه في منامه وسأله عن حاله في الدار الآخرة، فردّ أبو نواس أنّ الله تعالى غفر له ما مضى بأبيات نظمها قبل أن يتوفاه الله وتركها تحت وسادته، بعدها ذهب محمد بن نافع إلى أهل أبي نواس يسألهم عن تلك الأبيات، فلم يكن أحد على علم بها، فاستأذن منهم وبحث عنها تحت الوسادة كما كان في الرؤية ووجدها هناك.[١]


نص قصيدة أبي نواس عند موته

لم تكن هذه القصيدة طويلة ولا متوسطة في عدد أبياتها؛ إذ وقعت في أربعة أبيات فقط، لكنها ذات تأثير ومعنى كبير، فهو يقول فيها:[٢]


يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ



خصائص قصيدة أبي نواس عند موته

إنّ قصيدة أبي نواس التي نظمها قبل موته على قِصَرها وقلة عدد أبياتها امتازت بعدد من الخصائص والسمات الفنية، يُذكَر منها ما يأتي:[٣]

  • صدق العاطفة والإحساس الذي بثّه أبو نواس في قصيدته هذه.
  • بروز عاطفة الندم ومعانيه على ما مضى من أيام، وعاطفة الرجاء والأمل أيضًا في الوقت ذاته.
  • بساطة الألفاظ والمفردات المستخدمة في القصيدة وعذوبتها.
  • الاعتماد أكثر على الأسلوب الإنشائي في الطرح.


التعريف بأبي نواس

يعرف أبو نواس واسمه الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي بأنه واحد من أبرز شعراء العصر العباسي، نشأ في البصرة وبين أهلها، وقد امتاز منذ سنّ صغيرة بالفطنة والبراعة، فكان ذا ثقافة واسعة؛ إذ نهل من مختلف العلوم والمعارف وأجاد فيها، وكان للشعر حظًا وفيرًا من اهتمامه، فوقف على كلام العرب وأساليبهم في نظم الكلام، وبدأ ينظم الشعر ويُجيد فيه، وتبوأ في ذلك مكانة مميزة، لذا وصفه الكثيرون بأنه شاعر فحل في عصره.[٤]


نماذج من شعر أبي نواس في الزهد

نظم أبو نواس في أواخر حياته أشعارًا عدّة في الزهد وملامحه، من بينها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:


قصيدة أيا من ليس لي منه مجير

يقول أبو نواس في هذه القصيدة:[٥]


أَيا مَن لَيسَ لي مِنهُ مُجيرُ بِعَفوِكَ مِن عَذابِكَ أَستَجيرُ أَنا العَبدُ المُقِرُّ بِكُلِّ ذَنبٍ وَأَنتَ السَيِّدُ المَولى الغَفورُ فَإِن عَذَّبتَني فَبِسوءِ فِعلي وَإِن تَغفِر فَأَنتَ بِهِ جَديرُ أَفِرُّ إِلَيكَ مِنكَ وَأَينَ إِلّا إِلَيكَ يَفِرُّ مِنكَ المُستَجيرُ



قصيدة يا نواسي توقر

يقول فيها أبو نواس مخاطبًا نفسه:[٦]


يا نُواسيُّ تَوَقَّر وَتَجَمَّل وَتَصَبَّر ساءَكَ الدَهرُ بِشَيءٍ وَبِما سَرَّكَ أَكثَر يا كَبيرَ الذَنبِ عَفوُ ال لَهِ مِن ذَنبِكَ أَكبَر أَكبَرُ الأَشياءِ عَن أَص غَرِ عَفوِ اللَهِ أَصغَر لَيسَ لِلإِنسانِ إِلّا ما قَضى اللَهُ وَقَدَّر لَيسَ لِلمَخلوقِ تَدبي رٌ بَلِ اللَهُ المُدَبِّر


المراجع

  1. ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج2، صفحة 103. بتصرّف.
  2. "قصيدة يا رب إن عظمت ذنوبي"، الديوان. بتصرّف.
  3. زياد بن علي الحارثي، دلالات الزهد في شعر أبي نواس، صفحة 15. بتصرّف.
  4. عيسى عبد الشافي المصري، أبو نواس في أنظار الدارسين العرب المحدثين، صفحة 11. بتصرّف.
  5. "قصيدة أَيا مَن لَيسَ لي مِنهُ مُجيرُ"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
  6. "قصيدة يا نواسي توقر"، الديوان. بتصرّف.