يعدّ الشاعر الحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس واحدًا من أبرز شعراء العصر العباسي، وقد اشتهر بحبّه للخمر فكان له في الشعر ما يُعرَف بالخمريات، وهي أشعار وقصائد كثيرة، كما أنّه نظم في أغراض شعرية أخرى وأجاد فيها، كالمدح والغزل وغيرهما، وفي هذا المقال اخترنا لكم مجموعة من أشعار أبي نواس في الغزل.
قصيدة الفاتنة المحجبة
يقول فيها أبي نواس:[١]
ما هَوىً إِلّا لَهُ سَبَبُ يَبتَدي مِنهُ وَيَنشَعِبُ فَتَنَت قَلبي مُحَجَّبَةٌ وَجهُها بِالحُسنِ مُنتَقِبُ حَلِيَت وَالحُسنُ تَأخُذُهُ تَنتَقي مِنهُ وَتَنتَخِبُ فَاِكتَسَت مِنهُ طَرائِفَهُ وَاِستَزادَت فَضلَ ما تَهِبُ فَهيَ لَو صَيَّرَت فيهِ لَها عَودَةً لَم يَثنِها أَرَبُ صارَ جِدّاً ما مَزَحتُ بِهِ رُبَّ جِدٍّ جَرَّهُ اللَعِبُ
قصيدة لعلها
وفي هذه القصيدة يقول أبو نواس:[٢]
أَعتَلُّ بِالماءِ فَأَدعو بِهِ لَعَلَّها تَنزِلُ بِالماءِ وَيَعلَمُ اللَهُ عَلى عَرشِهِ ما طِبِّيَ الماءُ وَلا دائي إِلّا لِما أَلقى بِإِنسانَةٍ مُختالَةٍ في نَعلِ حِنّاءِ وُلِدتُ في حُبِّكِ يا مُنيَتي بِطالِعٍ لَيسَ بِمِعطاءِ هَذا وَريحي مِنكُمُ صَرصَرٌ تُجِفُّ دوني كُلَّ خَضراءِ
قصيدة تسليمة بالعين
يقول الشاعر أبو نواس:[٣]
يا لائِمَ العاشِقِ أَنتَ الَّذي لِكُلِّ مَن يَهوى وَمَن يَعشَقُ فَدَيتُ مَن كَلَّمَني طَرفُهُ سِرّاً مِنَ الناسِ وَمَن يَنطِقُ أَوما بِعَينَيهِ بِتَسليمَةٍ وَقَلبُهُ مِن وَجَلٍ يَخفِقُ فَرِحتُ مَسروراً بِما نِلتُهُ وَالقَلبُ فيهِ جَمرَةٌ تَحرِقُ
قصيدة تضحكين فأبكي
وفي هذه القصيدة قال أبو نواس:[٤]
مَلَأتِ قَلبي نُدوبا فَصِرتُ صَبّاً كَئيبا عَلَّمتِ دَمعِيَ سَكباً وَمُقلَتَيَّ نَحيبا ما مَسَّكِ الطيبُ إِلّا أَهدَيتِ لِلطيبِ طيبا عَدَدتِ أَحسَنَ ما فيـ نيَ يا ظَلومُ ذُنوبا أَقَمتِ دَمعي عَلى ما يَطوي الضَميرُ رَقيبا وَتَضحَكينَ فَأَبكي طَلاقَةً وَقُطوبا أَلقَيتِ ما بَينَ طَرفي وَبَينَ قَلبي حُروبا بَينَ الجَوانِحِ نارٌ تَدعو الغَزالَ الرَبيبا فَلا يَرُدُّ جَوابي وَلا يَحُلُّ قَريبا جِنانُ يا نورَ عَيني نَهَكتِ جِسمي خُطوبا إِن غِبتِ عَنّي فَقَلبي يَوَدُّ أَلّا يَغيبا
قصيدة ديني لنفسي
يقول الشاعر أبو نواس:[٥]
إِنّي عَشِقتُ وَهَل في العِشقِ مِن باسِ ما مَرَّ مِثلُ الهَوى شَيءٌ عَلى راسي ما لي وَلِلناسِ كَم يَلحَونَني سَفَهاً ديني لِنَفسي وَدينُ الناسِ لِلناسِ ما لِلعُداةِ إِذا ما زُرتُ مالِكَتي كَأَنَّ أَوجُهَهُم تُطلى بِأَنقاسِ اللَهُ يَعلَمُ ما تَركي زِيارَتَكُم إِلّا مَخافَةَ أَعدائي وَحُرّاسي وَلَو قَدِرنا عَلى الإِتيانِ جِئتُكُمُ سَعياً عَلى الوَجهِ أَو مَشياً عَلى الراسِ وَقَد قَرَأتُ كِتاباً مِن صَحائِفِكُم لا يَرحَمُ اللَهُ إِلّا راحِمَ الناسِ
قصيدة لولا حذاري
قال في هذه القصيدة الشاعر أبو نواس:[٦]
لَولا حِذاري مِن جِنانِ لَخَلَعتُ عَن رَأسي عِناني وَرَكِبتُ ما أَهوى وَكَم أَجفو مَقالَةَ مَن نَهاني وَخَرَجتُ أَخبِطُ سادِراً لَم أَغنَ عَن حُبِّ الغَواني قَد ذُبتُ غَيرَ حُشاشَةٍ في النَفسِ تَحبِسُها الأَماني يا مَن يَلومُ عَلى الصَبا دَعني فَشَأنُكَ غَيرُ شاني لَم تَلقَ مِن حُرَقِ الهَوى ما قَد لَقيتُ عَلى عِنانِ أَنّى تَرُدُّ عَلَيَّ قَل باً راحَ في غَلَقِ الرِهانِ قَلباً إِذا كَلَّفتُهُ غَيرَ الَّذي يَهوى عَصاني قَد خُضتُ في لُجَجِ الهَوى وَشَرِبتُ صافِيَةَ الدِنانِ وَمُضَمَّخاتٍ بِالعَبي رِ نَزَلنَ مِن غُرَفِ الجِنانِ راضَعتُهُنَّ مِنَ الصِبا كَأساً عَقَدنَ بِها لِساني أَقبَلنَ مِن بابِ الرِصا فَةِ كَالتَماثيلِ الحِسانِ يَحفُفنَ أَحوَرَ كَالغَزا لِ أُمِرَّ إِمرارَ العِنانِ يَمشي بِرِدفٍ كَالنَقا يَختالُ تَحتَ قَضيبِ بانِ فَإِذا اِنجَلَيتِ فَجامِلي كَيلا أَموتَ عَلى المَكانِ وَلَقَد أَقولُ لِمَن دَعا هُ مِنَ الهَوى ما قَد دَعاني أَبلِغ هَواكَ مِنَ الغِنا وَالكَأسِ وَاِغنَ عَنِ الزَمانِ لا يَشغَلَنَّكَ غَيرُ ما تَهوى فَكُلُّ العَيشِ فانِ وَدَعِ الهَوانَ لِأَهلِهِ إِذ زُلتَ عَن دارِ الهَوانِ
المراجع
- ↑ أحمد عبد المجيد الغزالي، ديوان أبي نواس، صفحة 275. بتصرّف.
- ↑ أحمد عبد المجيد الغزالي، ديوان أبي نواس، صفحة 271. بتصرّف.
- ↑ "يا لائم العاشق"، الديوان. بتصرّف.
- ↑ "ملأت قلبي ندوبا"، الديوان. بتصرّف.
- ↑ "إني عشقت وهل في العشق"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
- ↑ "لولا حذاري من جنان"، ديوان الأدب. بتصرّف.