الأم هي السكينة والأمان، والحضن الدافئ والعطاء غير المحدود، فقد تتنوع طُرق التعبير عن محبتها وردّ الجميل لها، ومن ضمنها الأشعار الجميلة عن الأم وفضلها، إذ ورد في القصائد الكثير من حالات التعبير عن حبها، والاشتياق لها، وجميلها وفضلها، وتقديرها، ورثائها أيضًا، وفي هذا المقال ذكر بعض القصائد المميزة عن الأم.


قصيدة الأم تلثم طفلها وتضم

يقول أبو القاسم الشابي:[١]


الأُمُّ تَلْثُمُ طِفْلَها وتَضُمُّهُ حرمٌ سَمَاويُّ الجمالِ مُقَدَّسُ تَتَألَّهُ الأَفكارُ وهي جِوارَهُ وتَعودُ طاهرةً هناكَ الأَنفُسُ حَرَمُ الحَيَاةِ بِطُهْرِها وحَنَانِها هل فوقَهُ حَرَمٌ أَجلُّ وأَقدسُ بوركتَ يا حَرَمَ الأُمومَةِ والصِّبا كم فيكَ تكتملُ الحَيَاةُ وتَقْدُسُ



قصيدة رثاء عن الأم

يقول كشاجم، واسمه الحقيقي هو محمود بن حسين:[٢][٣]


أَبَعْدَ مُصَابِ الأُمِّ آلَفُ مَضْجَعَاً وَآوِي إِلَى خَفْضٍ مِنْ العَيْشِ أَو ظِلِّ سَتُرْضِعُ عَيْنِي قَبْرَهَا مِنْ دُمُوعِهَا بِمَا كُلِّفَتْهُ مِنْ رَضَاعِي وَمِنْ حَمْلِي فَأُقْسِمُ لَوْ أَبْصَرْتَنِي عِنْدَ مَوْتِهَا وَعَيْنِي تَسُحُّ الدَّمْعَ سَجْلاً عَلَى سَجْلِ رَثَيْتَ نَصْلٍ يَأْخُذُ المَوْتُ جَفْنَهُ وَأُعْجِبْتَ مِنْ فَرْعٍ يَنُوحُ عَلَى أَصْلِ يُهَوِّنُ مِنْ وَجْدِي وَلَيْسَ بِهَيِّنٍ سَلاَمَتُهَا بِالْمَوْتِ مِنْ جُرْعَةِ الثُّكْلِ وَكَانَ عَلَيْهَا اَنْ أُقَدَّمُ قَبْلَهَا أَشَّدَّ وَأَدْهَى مِنْ تَقَدُّمِهَا قَبْلِي فَقَدْ فُدِيَتْ مِنْ غَمِّهَا بِي بِحَسْرَتِي عَلَيْهَا وَفِيْمَا بِيْنَ ذَلِكَ مَا يُسْلِي



قصيدة لا فضل إلّا فضل أمٍّ على ابنها

يقول الفرزدق:[٤]


لا فَضلُ إِلّا فَضلُ أُمٍّ عَلى اِبنِها كَفَضلِ أَبي الأَشبالِ عِندَ الفَرَزدَقِ تَدارَكَني مِن هُوَّةٍ كانَ قَعرُها ثَمانينَ باعاً لِلطَويلِ العَشَنَّقِ إِذا ما تَرامَت بِاِمرِئٍ مُشرِفاتُها إِلى قَعرِها لَم يَدرِ مِن أَينَ يَرتَقي



قصيدة أحن إلى خبز أمي

يقول محمود درويش:[٥]

أحنُّ إلى خبز أمي

وقهوة أُمي

ولمسة أُمي..

وتكبر فيَّ الطفولةُ

يوماً على صدر يومِ

وأعشَقُ عمرِي لأني

إذا مُتُّ

أخجل من دمع أُمي!

خذيني، إذا عدتُ يوماً

وشاحاً لهُدْبِكْ

وغطّي عظامي بعشب

تعمَّد من طهر كعبك

وشُدّي وثاقي..

بخصلة شعر..

بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك..

عساني أصيرُ إلهاً

إلهاً أصيرْ.

إذا ما لمستُ قرارة قلبك!

ضعيني، إذا ما رجعتُ

وقوداً بتنور ناركْ...

وحبل غسيل على سطح دارك

لأني فقدتُ الوقوف

بدون صلاة نهارك

هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة

حتى أُشارك

صغار العصافير

درب الرجوع...

لعُشِّ انتظارِك!


قصيدة نسيم من جنان الأم هبًّا

يقول صالح محمد جرار:[٦]

نَسِيْمٌ مِنْ جِنَانِ الأُمِّ هَبَّا

فَألْقَى فِيْ الرُبُوْعِ شَذَاً وَحُبَّا

فَصَفَّقَتِ الضُّلُوْعُ لَهُ بِشَوْقٍ

وَضَمَّتْهُ كَضَمِّ المَرْءِ حَبَّا

فَنَاجَاهَا النَّسِيْمُ بِهَمْسِ أُمٍّ

فَأَجْرَى فِيْ العُرُوْقِ السِّحْرَ ذَوْبَا

وَأَهْدَى الرُّوْحَ مِنْ دَعَوَاتِ أُمِّيْ

فَكَانَ دُعَاؤُهَا لِلرُّوْحِ طِبَّا

رَعَاهَا اللهُ مِنْ أُمٍّ رَؤُوْمٍ

وَلَقَّاهَا السُّرُوْرَ وَخَيْرَ عُقْبَى

فَمَنْ يَنْسَى الأَمَانَ بِحِجْرِ أُمٍّ

وَقَدْ أَرْخَىْ عَلَى الأَنْغَامِ هُدْبَا؟

وَمَنْ يَنْسَى الَّتِي سَهِرَتْ عَلِيْهِ

لَيَالِيَ شِدَّةٍ تَقْتَاتُ رُعْبَا؟

فَلَنْ أَنْسَاكِ – يَا أُمِّيْ – حَيَاتِيْ

وَهَلْ تَنْسَى عُرُوْقُ الحَيِّ قَلْبَا؟

فَكَمْ ذُقْتُ النَّعِيْمَ بِسَاعِدَيكِ

وَصَيَّرْتِ المَضِيْقَ عَلَيَّ رَحْبَا

وَكَمْ حِلْتِ الصِّعَابَ بِلَا انْفِرَاجٍ

وَكَانَ الصَّدْرُ لِلوَسْوَاسِ نَهْبَا

فَنَادَيْتُ الرَّؤُومَ : إِلِيَّ أُمِّيْ

فَلَبَتْ بِالحَنَانِ تَحِلُّ صَعْبَا

سُرُوْرُكِ مِنْ سُرُوْرِيْ حِيْنَ أَلْهُوْ

بِعَافِيَةٍ، أُثِيْرُ البَيْتَ لُعْبَا

فَتَبْيَّضُ اللَّيَالِيْ وَهْيَ سُوْدٌ

وَمُرُّ العَيْشِ يُصْبِحُ فِيَّ عَذْبَا

وَتُنْعِشكِ الأَمَانِيْ وَهْيَ وَهْمٌ

وَيَبْدُوْ بَعْدَهَا فِيْ الحِسِّ قُرْبَا

وَغَمُّكِ إِنْ أَلَمَّ بِيَ اكْتِئَابٌ

فَيَبْدُوْ الخَصْبُ يَا أُمَّاهُ جَدْبَا

وَدُوْلَابُ الزَّمَانِ يَدُوْرُ نَهْبَاً

وَآياتُ الإِلهِ تُنِيْرُ قَلْبَا

وَلَمَّا أَنْ عَقِلْتُ رَأَيْتُ أُمِّيْ

تُعَلِّمُنِيْ حُرُوْفَ العِلْمِ شُهُبَا

فَإِنَّ العِلْمَ لِلإِنْسَانِ نُوْرٌ

وَمَنْ يَرْضَى سِوَى الأَنْوَارِ صَحْبَا؟

وَخَيْرُ الصَّحْبِ فِيْ الدُّنْيَا كِتَابٌ

يُنِيْرُ بَصَائِرَاً وَيُقِيْتُ لُبَّا

وَأُمٌّ لَا تَنِيْ عَنْ خَلْقِ جِيْلٍ

قَوِيمِ الخُلُقِ يَخْشَى اللهَ دَأْبَا

فَمَا مِثْلُ الأُمُوْمَةِ إِنْ تَسَامَتْ

يُعِدُّ طَلَائِعَاً تَجْتَازُ صَعْبَا

وَمَا مِثْلُ الأُمُوْمَةِ مِنْ طَبِيْبٍ

لِرُوْحٍ تَبْتَغِيْ لِلأَمْنِ دَرْبَا

وَلَوْ أَسْطِيْعُ أَنْ أُحْصِيْ جَمِيْلَاً

لِأُمِّيْ مَا كَفَانِيْ القَوْلُ حُقْبَا

فَلَوْلَا الأُمُّ مَا أَبْصَرْتُ نُوْرَاً

وَلَوْلَا الأُمُّ كَانَ العَيْشُ جَدْبَا


قصيدة أمي

يقول عدنان الصائغ:[٧]

لأُمّي إذا انسدلَ الليلُ حُزنٌ شفيفٌ، كحُزنِ الحدائقِ.. وهي تُلملمُ في آخرِ الليلِ، أوراقَها الذابلةْ

لأُمّي؛ سجَّادةٌ للصلاةِ،

وخوفٌ قديمٌ من الدركيِّ،

تُخبِّئُنا كلّما مرَّ في الحيِّ تحتَ عباءتِها

وتخافُ علينا عيونَ النساءِ،

وغولَ المساءِ،

وغدرَ الزمانْ

لأُمّي؛ عاداتُها.. لا تُفارِقُها

فعندَ الغروبِ، ستُشْعِلُ “حَرْمَلَها”، عاطراً بالتمائمِ،

يطردُ عن بيتنا الشرَّ كانتْ تقولُ وعينَ الحسودْ

وكلّ ثلاثاء..

تمضي إلى مسجدِ السهلةِ

توزّعُ خبزاً وتمراً

وتنذرُ “للخضرِ” صِيْنِيَّةً من شموعٍ،

إِذا جاءَها بالمُرادِ

ستُوقِدُها في المساءِ

على شاطيءِ الكوفةِ

فأُبْصِرُ دمعتَها تتلألأُ تحت الرُموشِ البليلةِ

منسابةً…

كارتعاشِ ضياءِ الشموعْ

ألا أَيّها النهرُ…

رفقاً بشمْعاتِ أُمّي

فنيرانُها… بعدُ لمْ تَنْطَفِ

ويا سيِّدي “الخضر”…

رفقاً بدمْعاتِ أُمّي

ففي قلبِها…

كلُّ حُزنِ الفراتْ

لأُمّي، مِغْزَلُها

يَغزِلُ العُمرَ…

خيطاً رفيعاً، من الآهِ

المراجع

  1. أبو القاسم الشابي، ديوان أبي قاسم الشابي، صفحة 93. بتصرّف.
  2. شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 3116. بتصرّف.
  3. كشاجم، ديوان كشاجم، صفحة 328-329. بتصرّف.
  4. الفرزدق، ديوان الفرزدق، صفحة 409. بتصرّف.
  5. محمود درويش، عاشق من فلسطين، صفحة 16. بتصرّف.
  6. "الأم"، رابطة أدباء الشام، اطّلع عليه بتاريخ 16/6/2021. بتصرّف.
  7. عدنان الصائغ، الأعمال الشعرية لعدنان الصائغ، صفحة 547. بتصرّف.