يحتلّ حب الوطن مكانة رفيعة في النفوس، ولديه كذلك مكانة خاصّة لدى الشعراء؛ إذ نظم في حب الوطن والتغني بجماله الكثير منهم، ومن هؤلاء الشعراء الذين وظفوا الوطن في قصائدهم الشاعر المصري حافظ إبراهيم، الذي أضفت الوطنية على شعره هالة من المجد والجمال، فنالت إعجاب الجميع، وقد قدّمنا في هذا المقال مجموعة من أشعار حافظ إبراهيم عن حب الوطن.


قصيدة كم ذا يكابد عاشق

يقول حافظ إبراهيم هذه القصيدة في حبّ مصر:[١]


كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ ما البابِلِيَّةُ في صَفاءِ مِزاجِها وَالشَربُ بَينَ تَنافُسٍ وَسِباقِ وَالشَمسُ تَبدو في الكُئوسِ وَتَختَفي وَالبَدرُ يُشرِقُ مِن جَبينِ الساقي بِأَلَذَّ مِن خُلُقٍ كَريمٍ طاهِرٍ قَد مازَجَتهُ سَلامَةُ الأَذواقِ فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ كَم عالِمٍ مَدَّ العُلومَ حَبائِلاً لِوَقيعَةٍ وَقَطيعَةٍ وَفِراقِ وَفَقيهِ قَومٍ ظَلَّ يَرصُدُ فِقهَهُ لِمَكيدَةٍ أَو مُستَحَلِّ طَلاقِ يَمشي وَقَد نُصِبَت عَلَيهِ عِمامَةٌ كَالبُرجِ لَكِن فَوقَ تَلِّ نِفاقِ يَدعونَهُ عِندَ الشِقاقِ وَما دَرَوا أَنَّ الَّذي يَدعونَ خِدنُ شِقاقِ وَطَبيبِ قَومٍ قَد أَحَلَّ لِطِبِّهِ ما لا تُحِلُّ شَريعَةُ الخَلّاقِ قَتَلَ الأَجِنَّةَ في البُطونِ وَتارَةً جَمَعَ الدَوانِقَ مِن دَمٍ مُهراقِ



قصيدة متى أرى النيل

يقول الشاعر في هذه القصيدة:[٢][٣]


مَتى أَرى النيلَ لا تَحلو مَوارِدُهُ لِغَيرِ مُرتَهِبٍ لِلَّهِ مُرتَقِبِ فَقَد غَدَت مِصرُ في حالٍ إِذا ذُكِرَت جادَت جُفوني لَها بِاللُؤلُؤِ الرَطِبِ كَأَنَّني عِندَ ذِكري ما أَلَمَّ بِها قَرمٌ تَرَدَّدَ بَينَ المَوتِ وَالهَرَبِ إِذا نَطَقتُ فَقاعُ السِجنِ مُتَّكَأٌ وَإِن سَكَتُّ فَإِنَّ النَفسَ لَم تَطِبِ أَيَشتَكي الفَقرَ غادينا وَرائِحُنا وَنَحنُ نَمشي عَلى أَرضٍ مِنَ الذَهَبِ وَالقَومُ في مِصرَ كَالإِسفِنجِ قَد ظَفِرَت بِالماءِ لَم يَترُكوا ضَرعاً لِمُحتَلِبِ يا آلَ عُثمانَ ما هَذا الجَفاءُ لَنا وَنَحنُ في اللَهِ إِخوانٌ وَفي الكُتُبِ تَرَكتُمونا لِأَقوامٍ تُخالِفُنا في الدينِ وَالفَضلِ وَالأَخلاقِ وَالأَدَبِ



قصيدة لقد نصل الدجى

يقول الشاعر حافظ إبراهيم في هذه القصيدة:[٣][٤]


لَقَد نَصَلَ الدُجى فَمَتى تَنامُ أَهَمٌّ ذادَ نَومَكَ أَم هُيامُ غَفا المَحزونُ وَالشاكي وَأَغفى أَخو البَلوى وَنامَ المُستَهامُ وَأَنتَ تُقَلِّبُ الكَفَّينِ آناً وَآوِنَةً يُقَلِّبُكَ السَقامُ تَحَدَّرَتِ المَدامِعُ مِنكَ حَتّى تَعَلَّمَ مِن مَحاجِرِكَ الغَمامُ وَضَجَّت مِن تَقَلُّبِكَ الحَشايا وَأَشفَقَ مِن تَلَهُّفِكَ الظَلامُ تَبيتُ تُساجِلُ الأَفلاكَ سُهداً وَعَينُ الكَونِ رَنَّقَها المَنامُ وَتَكتُمُنا حَديثَ هَواكَ حَتّى أَذاعَ الصَمتُ ما أَخفى الكَلامُ بِرَبِّكَ هَل رَجَعتَ إِلى رَسيسٍ مِنَ الذِكرى وَهَل رَجَعَ الغَرامُ وَقَد لَمَعَ المَشيبُ وَذاكَ سَيفٌ عَلى فَودَيكَ عَلَّقَهُ الحِمامُ أَيَجمُلُ بِالأَديبِ أَديبِ مِصرٍ بُكاءُ الطِفلِ أَرهَقَهُ الفِطامُ وَيَصرِفُهُ الهَوى عَن ذِكرِ مِصرٍ وَمِصرٌ في يَدِ الباغي تُضامُ عَدِمتُ يَراعَتي إِن كانَ ما بي هَوىً بَينَ الضُلوعِ لَهُ ضِرامُ وَما أَنا وَالغَرامَ وَشابَ رَأسي وَغالَ شَبابِيَ الخَطبُ الجُسامُ وَرَبّاني الَّذي رَبّى لَبيداً فَعَلَّمَني الَّذي جَهِلَ الأَنامُ لَعَمرُكَ ما أَرِقتُ لِغَيرِ مِصرٍ وَما لي دونَها أَمَلٌ يُرامُ ذَكَرتُ جَلالَها أَيّامَ كانَت تَصولُ بِها الفَراعِنَةُ العِظامُ وَأَيّامَ الرِجالُ بِها رِجالٌ وَأَيّامَ الزَمانُ لَها غُلامُ فَأَقلَقَ مَضجَعي ما باتَ فيها وَباتَت مِصرُ فيهِ فَهَل أُلامُ



قصيدة لمصر أم لربوع الشام تنتسب

يقول حافظ إبراهيم في حب مصر والشام:[٥]


لِمِصرَ أَم لِرُبوعِ الشامِ تَنتَسِبُ هُنا العُلا وَهُناكَ المَجدُ وَالحَسَبُ رُكنانِ لِلشَرقِ لا زالَت رُبوعُهُما قَلبُ الهِلالِ عَلَيها خافِقٌ يَجِبُ خِدرانِ لِلضادِ لَم تُهتَك سُتورُهُما وَلا تَحَوَّلَ عَن مَغناهُما الأَدَبُ أُمُّ اللُغاتِ غَداةَ الفَخرِ أُمُّهُما وَإِن سَأَلتَ عَنِ الآباءِ فَالعَرَبُ أَيَرغَبانِ عَنِ الحُسنى وَبَينَهُما في رائِعاتِ المَعالي ذَلِكَ النَسَبُ وَلا يَمُتّانِ بِالقُربى وَبَينَهُما تِلكَ القَرابَةُ لَم يُقطَع لَها سَبَبُ إِذا أَلَمَّت بِوادي النيلِ نازِلَةٌ باتَت لَها راسِياتُ الشامِ تَضطَرِبُ وَإِن دَعا في ثَرى الأَهرامِ ذو أَلَمٍ أَجابَهُ في ذُرا لُبنانَ مُنتَحِبُ لَو أَخلَصَ النيلُ وَالأُردُنُّ وُدَّهُما تَصافَحَت مِنهُما الأَمواهُ وَالعُشُبُ بِالوادِيَينِ تَمَشّى الفَخرُ مِشيَتَهُ يَحُفُّ ناحِيَتَيهِ الجودُ وَالدَأَبُ فَسالَ هَذا سَخاءً دونَهُ دِيَمٌ وَسالَ هَذا مَضاءً دونَهُ القُضُبُ نَسيمَ لُبنانَ كَم جادَتكَ عاطِرَةٌ مِنَ الرِياضِ وَكَم حَيّاكَ مُنسَكِبُ في الشَرقِ وَالغَربِ أَنفاسٌ مُسَعَّرَةٌ تَهفو إِلَيكَ وَأَكبادٌ بِها لَهَبُ لَولا طِلابُ العُلا لَم يَبتَغوا بَدَلاً مِن طيبِ رَيّاكَ لَكِنَّ العُلا تَعَبُ كَم غادَةٍ بِرُبوعِ الشَأمِ باكِيَةٍ عَلى أَليفٍ لَها يَرمي بِهِ الطَلَبُ يَمضي وَلا حيلَةٌ إِلّا عَزيمَتُهُ وَيَنثَني وَحُلاهُ المَجدُ وَالذَهَبُ يَكُرُّ صَرفُ اللَيالي عَنهُ مُنقَلِباً وَعَزمُهُ لَيسَ يَدري كَيفَ يَنقَلِبُ بِأَرضِ كولُمبَ أَبطالٌ غَطارِفَةٌ أُسدٌ جِياعٌ إِذا ما ووثِبوا وَثَبوا لَم يَحمِهِم عَلَمٌ فيها وَلا عَدَدٌ سِوى مَضاءٍ تَحامى وِردَهُ النُوَبُ أُسطولُهُم أَمَلٌ في البَحرِ مُرتَحِلٌ وَجَيشُهُم عَمَلٌ في البَرِّ مُغتَرِبُ لَهُم بِكُلِّ خِضَمٍّ مَسرَبٌ نَهَجٌ وَفي ذُرا كُلِّ طَودٍ مَسلَكٌ عَجَبُ لَم تَبدُ بارِقَةٌ في أُفقِ مُنتَجَعٍ إِلّا وَكانَ لَها بِالشامِ مُرتَقِبُ ما عابَهُم أَنَّهُم في الأَرضِ قَد نُثِروا فَالشُهبُ مَنثورَةٌ مُذ كانَتِ الشُهُبُ وَلَم يَضِرهُم سُراءٌ في مَناكِبِها فَكُلِّ حَيٍّ لَهُ في الكَونِ مُضطَرَبُ رادوا المَناهِلَ في الدُنيا وَلَو وَجَدوا إِلى المَجَرَّةِ رَكباً صاعِداً رَكِبوا



قصيدة وقف الخلق ينظرون

يقول حافظ إبراهيم في هذه القصيدة على لسان مصر مفتخرًا بها ومُشيدًا بعظمتها:[٦]


وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي وَبُناةُ الأَهرامِ في سالِفِ الدَه رِ كَفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي أَنا تاجُ العَلاءِ في مَفرِقِ الشَر قِ وَدُرّاتُهُ فَرائِدُ عِقدي أَيُّ شَيءٍ في الغَربِ قَد بَهَرَ النا سَ جَمالاً وَلَم يَكُن مِنهُ عِندي فَتُرابي تِبرٌ وَنَهري فُراتٌ وَسَمائي مَصقولَةٌ كَالفِرِندِ أَينَما سِرتَ جَدوَلٌ عِندَ كَرمٍ عِندَ زَهرٍ مُدَنَّرٍ عِندَ رَندِ وَرِجالي لَو أَنصَفوهُم لَسادوا مِن كُهولٍ مِلءِ العُيونِ وَمُردِ لَو أَصابوا لَهُم مَجالاً لَأَبدَوا مُعجِزاتِ الذَكاءِ في كُلِّ قَصدِ إِنَّهُم كَالظُبا أَلَحَّ عَلَيها صَدَأُ الدَهرِ مِن ثَواءِ وَغِمدِ فَإِذا صَيقَلُ القَضاءِ جَلاها كُنَّ كَالمَوتِ ما لَهُ مِن مَرَدِّ أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي ما رَماني رامٍ وَراحَ سَليماً مِن قَديمٍ عِنايَةُ اللَهُ جُندي كَم بَغَت دَولَةٌ عَلَيَّ وَجارَت ثُمَّ زالَت وَتِلكَ عُقبى التَعَدّي إِنَّني حُرَّةٌ كَسَرتُ قُيودي رَغمَ رُقبى العِدا وَقَطَّعتُ قِدّي وَتَماثَلتُ لِلشِفاءِ وَقَد دا نَيتُ حَيني وَهَيَّأَ القَومُ لَحدي قُل لِمَن أَنكَروا مَفاخِرَ قَومي مِثلَ ما أَنكَروا مَآثِرَ وُلدي هَل وَقَفتُم بِقِمَّةِ الهَرَمِ الأَك بَرِ يَوماً فَرَيتُمُ بَعضَ جُهدي هَل رَأَيتُم تِلكَ النُقوشَ اللَواتي أَعَجَزَت طَوقَ صَنعَةِ المُتَحَدّي حالَ لَونُ النَهارِ مِن قِدَمِ العَه دِ وَما مَسَّ لَونَها طولُ عَهدِ هَل فَهِمتُم أَسرارَ ما كانَ عِندي مِن عُلومٍ مَخبوءَةٍ طَيَّ بَردي ذاكَ فَنُّ التَحنيطِ قَد غَلَبَ الدَه رَ وَأَبلى البِلى وَأَعجَزَ نِدّي قَد عَقَدتُ العُهودَ مِن عَهدِ فِرعَو نَ فَفي مِصرَ كانَ أَوَّلُ عَقدِ إِنَّ مَجدي في الأولَياتِ عَريقٌ مَن لَهُ مِثلَ أولَياتي وَمَجدي أَنا أُمُّ التَشريعِ قَد أَخَذَ الرو مانُ عَنّي الأُصولَ في كُلِّ حَدِّ وَرَصَدتُ النُجومَ مُنذُ أَضاءَت في سَماءِ الدُجى فَأَحكَمتُ رَصدي وَشَدا بَنتَئورَ فَوقَ رُبوعي قَبلَ عَهدِ اليونانِ أَو عَهدِ نَجدِ وَقَديماً بَنى الأَساطيلَ قَومي فَفَرَقنَ البِحارَ يَحمِلنَ بَندي قَبلَ أُسطولِ نِلسُنٍ كانَ أُسطو لي سَرِيّاً وَطالِعي غَيرَ نَكدِ فَسَلوا البَحرَ عَن بَلاءِ سَفيني وَسَلوا البَرَّ عَن مَواقِعِ جُردي أَتُراني وَقَد طَوَيتُ حَياتي في مِراسٍ لَم أَبلُغِ اليَومَ رُشدي أَيُّ شَعبٍ أَحَقُّ مِنّي بِعَيشٍ وارِفِ الظِلِّ أَخضَرِ اللَونِ رَغدِ أَمِنَ العَدلِ أَنَّهُم يَرِدونَ ال ماءَ صَفواً وَأَن يُكَدَّرَ وِردي أَمِنَ الحَقِّ أَنَّهُم يُطلِقونَ ال أُسدَ مِنهُم وَأَن تُقَيَّدَ أُسدي نِصفُ قَرنٍ إِلّا قَليلاً أُعاني ما يُعاني هَوانَهُ كُلُّ عَبدِ نَظَرَ اللَهُ لي فَأَرشَدَ أَبنا ئي فَشَدّوا إِلى العُلا أَيَّ شَدِّ إِنَّما الحَقُّ قُوَّةٌ مِن قُوى الدَي يانِ أَمضى مِن كُلِّ أَبيَضَ هِندي قَد وَعَدتُ العُلا بِكُلِّ أَبِيٍّ مِن رِجالي فَأَنجِزوا اليَومَ وَعدي أَمهِروها بِالروحِ فَهيَ عَروسٌ تَسنَأُ المَهرَ مِن عُروضٍ وَنَقدِ وَرِدوا بي مَناهِلَ العِزِّ حَتّى يَخطُبَ النَجمُ في المَجَرَّةِ وُدّي



قصيدة حيّا بكور الحيا

يقول حافظ إبراهيم في هذه القصيدة:[٧]


حَيّا بَكورُ الحَيا أَرباعَ لُبنانِ وَطالَعَ اليُمنُ مَن بِالشَأمِ حَيّاني أَهلَ الشَآمِ لَقَد طَوَّقتُمُ عُنُقي بِمِنَّةٍ خَرَجَت عَن طَوقِ تِبياني قُل لِلكَريمِ الَّذي أَسدى إِلَيَّ يَداً أَنّى نَزَحتَ فَأَنتَ النازِحُ الداني ما إِن تَقاضَيتُ نَفسي ذِكرَ عارِفَةٍ هَل يَحدُثُ الذِكرُ إِلّا بَعدَ نِسيانِ وَلا عَتَبتُ عَلى خِلٍّ يَضِنُّ بِها ما دامَ يَزهَدُ في شُكري وَعِرفاني أَقَرَّ عَينِيَ أَنّي قُمتُ أُنشِدُكُم في مَعهَدٍ بِحُلى العِرفانِ مُزدانِ وَشاعَ في سُرورٌ لا يُعادِلُهُ رَدُّ الشَبابِ إِلى شَعري وَجُثماني لي مَوطِنٌ في رُبوعِ النيلِ أُعظِمُهُ وَلي هُنا في حِماكُم مَوطِنٌ ثاني إِنّي رَأَيتُ عَلى أَهرامِها حُلَلاً مِنَ الجَلالِ أَراها فَوقَ لُبنانِ لَم يَمحُ مِنها وَلا مِن حُسنِ جِدَّتِها عَلى التَعاقُبِ ما يَمحو الجَديدانِ حَسِبتُ نَفسي نَزيلاً بَينَكُم فَإِذا أَهلي وَصَحبي وَأَحبابي وَجيراني مِن كُلِّ أَبلَجَ سامي الطَرِف مُضطَلِعٍ بِالخَطبِ مُبتَهِجٍ بِالضَيفِ جَذلانِ يَمشي إِلى المَجدِ مُختالاً وَمُبتَسِماً كَأَنَّهُ حينَ يَبدو عودُ مُرّانِ سَكَنتُمُ جَنَّةً فَيحاءَ لَيسَ بِها عَيبٌ سِوى أَنَّها في العالَمِ الفاني إِذا تَأَمَّلتَ في صُنعِ الإِلَهِ بِها لَم تَلقَ في وَشيِهِ صُنعاً لِإِنسانِ في سَهلِها وَأَعاليها وَسَلسَلِها بُرءُ العَليلِ وَسَلوى العاشِقِ العاني وَفي تَضَوُّعِ أَنفاسِ الرِياضِ بِها رَوحٌ لِكُلِّ حَزينِ القَلبِ أَسوانِ أَنّى تَخَيَّرتَ مِن لُبنانَ مَنزِلَةً في كُلِّ مَنزِلَةٍ رَوضٌ وَعَينانِ


المراجع

  1. أحمد أمين، أحمد الزين، إبراهيم الأبياري، ديوان حافظ إبراهيم، صفحة 379. بتصرّف.
  2. "متى أرى النيل"، الديوان. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "حافظ إبراهيم شاعر النيل"، هنداوي. بتصرّف.
  4. "لقد نصل الدجى"، الديوان. بتصرّف.
  5. "لمصر أم لربوع الشام"، الديوان. بتصرّف.
  6. أحمد أمين، أحمد الزين، إبراهيم الأبياري، ديوان حافظ إبراهيم، صفحة 503. بتصرّف.
  7. "حيا بكور الحيا"، الديوان. بتصرّف.