يعطي الشِعرُ قيمةً فنّيّة كبيرة للمشاعر المختلفة، بما فيها العتاب، فالعتاب تجربة عميقة وشاملة، يعبّر فيها الشاعر عن مبتغاه ببراعة، وحيطة، واتّزان بين العواطف، وقد نظم العديد من الشُعراء القصائدَ في العتاب، وفي هذا المقال نستعرض مجموعةً من هذه القصائد.


قصيدة عَلى قَدرِ الهَوى يَأتي العِتابُ

يقول أحمد شوقي:[١]


عَلى قَدرِ الهَوى يَأتي العِتابُ وَمَن عاتَبتُ يَفديهِ الصِحابُ أَلومُ مُعَذِبي فَأَلومُ نَفسي فَأُغضِبُها وَيُرضيها العَذابُ وَلَو أَنّي اِستَطَعتُ لَتُبتُ عَنهُ وَلَكِن كَيفَ عَن روحي المَتابُ وَلي قَلبٌ بِأَن يَهوى يُجازى وَمالِكُهُ بِأَن يَجني يُثابُ وَلَو وُجِدَ العِقابُ فَعَلتُ لَكِن نِفارُ الظَبيِ لَيسَ لَهُ عِقابُ يَلومُ اللائِمونَ وَما رَأَوهُ وَقِدماً ضاعَ في الناسِ الصَوابُ صَحَوتُ فَأَنكَرَ السُلوانَ قَلبي عَلَيَّ وَراجَعَ الطَرَبَ الشَبابُ كَأَنَّ يَدَ الغَرامِ زِمامُ قَلبي فَلَيسَ عَلَيهِ دونَ هَوىً حِجابُ كَأَنَّ رِوايَةَ الأَشواقِ عَودٌ عَلى بَدءٍ وَما كَمُلَ الكِتابُ كَأَنِّيَ وَالهَوى أَخَوا مُدامٍ لَنا عَهدٌ بِها وَلَنا اِصطِحابُ إِذا ما اِعتَضتُ عَن عِشقٍ بِعِشقِ أُعيدَ العَهدُ وَاِمتَدَّ الشَرابُ



قصيدة لوم وعتاب

يقول أبو فراس الحمدانيّ:[٢]


أبى غَربُ هَذا الدَمعِ إِلّا تَسَرُّعا وَمَكنونُ هَذا الحُبِّ إِلّا تَضَوُّعا وَكُنتُ أَرى أَنّي مَعَ الحَزمِ واحِدٌ إِذا شِئتُ لي مَمضىً وَإِن شِئتُ مَرجِعا فَلَمّا اِستَمَرَّ الحُبُّ في غُلَوائِهِ رَعَيتُ مَعَ المِضياعَةِ الحُبَّ ما رَعى فَحُزنِيَ حُزنُ الهائِمينَ مُبَرِّحاً وَسِرِّيَ سِرُّ العاشِقينَ مُضَيَّعا خَليلَيَّ لِم لا تَبكِياني صَبابَةً أَأَبدَلتُما بِالأَجرَعِ الفَردِ أَجرَعا عَلَيَّ لِمَن ضَنَّت عَلَيَّ جُفونُهُ غَوارِبُ دَمعٍ يَشمَلُ الحَيَّ أَجمَعا وَهَبتُ شَبابي وَالشَبابُ مَضِنَّةٌ لِأَبلَجَ مِن أَبناءِ عَمِّيَ أَجمَعا أَبيتُ مُعَنّىً مِن مَخافَةِ عَتبِهِ وَأُصبِحُ مَحزوناً وَأُمسي مُرَوَّعا فَلَمّا مَضى عَصرُ الشَبيبَةِ كُلَّهُ وَفارَقَني شَرخُ الشَبابِ مُوَدَّعا تَطَلَّبتُ بَينَ الهَجرِ وَالعَتبِ فُرجَةً فَحاوَلتُ أَمراً لا يُرامُ مُمَنَّعا وَصِرتُ إِذا ما رُمتُ في الخَيرِ لَذَّةً تَتَبَّعتُها بَينَ الهُمومُ تَتَبُّعا وَها أَنا قَد حَلّى الزَمانُ مَفارِقي وَتَوَّجَني بِالشَيبِ تاجاً مُرَصَّعا فَلَو أَنَّني مُكِّنتُ مِمّا أُريدُهُ مِنَ العَيشِ يَوماً لَم يَجِد فِيَّ مَوضِعاً أَما لَيلَةٌ تَمضي وَلا بَعضُ لَيلَةٍ أَسُرُّ بِها هَذا الفُؤادَ المُفَجَّعا أَما صاحِبٌ فَردٌ يَدومُ وَفاؤُهُ فَيُصفي لِمَن أَصفى وَيَرعى لِمَن رَعى أَفي كُلِّ دارٍ لي صَديقٌ أَوَدُّهُ إِذا ماتَفَرَّقنا حَفِظتُ وَضَيَّعا أَقَمتُ بِأَرضِ الرومِ عامَينِ لا أَرى مِنَ الناسِ مَحزوناً وَلا مُتَصَنِّعا إِذا خِفتُ مِن أَخوالِيَ الرومِ خُطَّةً تَخَوَّفتُ مِن أَعمامِيَ العُربِ أَربَعا وَإِن أَوجَعَتني مِن أَعادِيَّ شيمَةٌ لَقيتُ مِنَ الأَحبابِ أَدهى وَأَوجَعا وَلَو قَد رَجَوتُ اللَهَ لا شَيءَ غَيرَهُ رَجَعتُ إِلى أَعلى وَأَمَّلتُ أَوسَعا لَقَد قَنِعوا بَعدي مِنَ القَطرِ بِالنَدى وَمَن لَم يَجِد إِلّا القُنوعَ تَقَنَّعا وَما مَرَّ إِنسانٌ فَأَخلَفَ مِثلَهُ وَلَكِن يُزَجّي الناسُ أَمراً مُوَقَّعا تَنَكَّرَ سَيفُ الدينِ لَمّا عَتَبتُهُ وَعَرَّضَ بي تَحتَ الكَلامِ وَقَرَّعا فَقولا لَهُ مِن أَصدَقِ الوُدِّ أَنَّني جَعَلتُكَ مِمّا رابَني الدَهرَ مَفزَعا وَلَو أَنَّني أَكنَنتُهُ في جَوانِحي لَأَورَقَ ما بَينَ الضُلوعِ وَفَرَّعا فَلا تَغتَرِر بِالناسِ ماكُلُّ مَن تَرى أَخوكَ إِذا أَوضَعتَ في الأَمرِ أَوضَعا وَلا تَتَقَلَّد مايَروعُكَ حَليُهُ تَقَلَّد إِذا حارَبتَ ماكانَ أَقطَعا وَلا تَقبَلَنَّ القَولَ مِن كُلِّ قائِلٍ سَأُرضيكَ مَرأىً لَستُ أُرضيكَ مَسمَعا فَلِلَّهِ إِحسانٌ إِلَيَّ وَنِعمَةٌ وَلِلَّهِ صُنعٌ قَد كَفاني التَصَنُّعا أَراني طَريقَ المَكرُماتِ كَما رَأى عَلِيُّ وَأَسماني عَلى كُلِّ مَن سَعى فَإِن يَكُ بُطءٌ مَرَّةً فَلَطالَما تَعَجَّلَ نَحوي بِالجَميلِ وَأَسرَعا وَإِن يَجفُ في بَعضِ الأُمورِ فَإِنَّني لَأَشكُرُهُ النُعمى الَّتي كانَ أَودَعا وَإِن يَستَجِدَّ الناسَ بَعدي فَلا يَزَل بِذاكَ البَديلِ المُستَجَدِّ مُمَتَّعا



قصيدة عندما يكون العتاب دليلًا على الحبّ

يقول عبد الرحمن العشماوي:[٣]


عصى الدمع عيني فلم يهطل وقلبي بنار الأسى يصطلي أيا مقلتي أنا في حاجة إلى دمع عيني فلا تبخلي فما يغسل الحزن عن خاطري سوى الدمع همي به ينجلي أيا ساكنا" في فؤادي متى تريح وترتاح يامشغلي وأين أراك على دربنا تسير على عهدك الأول حملتك في القلب ريحانة" فكيف تحولت كالمنجل حصدت السعادة في خاطري ولم تتمهل ولم تمهل لقد كنت كالشهد في طعمه فصرت أمر من الحنظل أيا راحلا" خلف أهوائه تأمل حنيني ولا ترحل نزلت إلى السفح مستسلما" فياليت أنك لم تنزل وياليت أنك أدركت ما وراء السراب ولم تغفل وسالمتني ثم حاربتني فهل كنت تبحث عن مقتلي؟ وكيف جعلت ربيع المنى خريفا" وقد كنت كالجدول؟ لقد ذبل الزرع في روضتي ولولا جفاؤك لم يذبل فكيف أمد إليك يدا" وسهمك مازال في المفصل؟ أيا صاحبي لا تدعني على طريق الظنون بلا موئل إذا صدق الناس في سعيهم فسوف يسيرون للأفضل



قصيدة وَما عَن قِلىً عاتَبتُ بَكرَ اِبنَ وائِلٍ

يقول الفرزدق:[٤]


وَما عَن قِلىً عاتَبتُ بَكرَ اِبنَ وائِلٍ وَلا عَن تَجَنّي الصارِمِ المُتَجَرِّمِ وَلَكِنَّني أَولى بِهِم مِن حَليفِهِم لَدى مَغرَمٍ إِن نابَ أَو عِندَ مَغنَمِ وَهَيَّجَني ضَنّي بِبَكرٍ عَلى الَّذي نَطَقتُ وَما غَيبي لِبَكرٍ بِمُتهَمِ وَقَد عَلِموا أَنّي أَنا الشاعِرُ الَّذي يُراعي لِبَكرٍ كُلِّها كُلَّ مَحرَمِ وَإِنّي لِمَن عادَوا عَدُوٌّ وَإِنَّني لَهُم شاكِرٌ ما حالَفَت ريقَتي فَمي هُمُ مَنَعوني إِذ زِيادٌ يَكيدُني بِجاحِمِ جَمرٍ ذي لَظى مُتَضَرِّمِ وَهُم بَذَلوا دوني التِلادَ وَغَرَّروا بِأَنفُسِهِم إِذ كانَ فيهِم مُرَغِّمي أَتَرضى بَنو شَيبانَ لِلَّهِ دَرُّهُم وَبَكرٌ جَميعاً كُلَّ مُثرٍ وَمُعدَمِ بَأَزدِ عُمانٍ إِخوَةٌ دونَ قَومِهِم لَقَد زَعَموا في رَأيِهِم غَيرَ مَرغَمِ فَإِنَّ أَخاها عَبدُ أَعلى بَنى لَها بِأَرضِ هِرَقلٍ وَالعُلى ذاتُ مَجشَمِ رَفيعاً مِنَ البِنيانِ أَثبَتَ أُسَّهُ مَآثِرُ لَم تَخشَع وَلَم تَتَهَدَّمِ هُمُ رَهَنوا عَنهُم أَباكَ وَما أَلَوا عَنِ المُصطَفى مِن قَومِهِم بِالتَكَرُّمِ



قصيدة كفى ملامك يا ذات الملامات

يقول أبو الرقعمق:[٥]


كفى ملامك ياذات الملامات فما أريد بديلاً بالرقاعات كأنني وجنود الصفع تتبعني وقد تولت مزامير الرطانات قسيس دير تلا مزماره سحراً على القسوس بترجيع ورنات وقد مجنت وعلمت المجون فما أدعي بشيء سوى رب المجانات وذاك أني رأيت العقل مطرحاً فجئت أهل زماني بالحماقات إني سأدخل عذالي على عذل في الحب أن عذلوني في الحرامات أفدي الذين نأوا والدار دانية وشتتوا بالجفا شمل المودات كم قد نتفت سبالي في صدورهم والصد أصعب من نتف السبالات سقياً ورعياً لأيام لنا سلفت بالقفص قصرها طيب اللذاذات إذا لا أروح ولا أغدر إلى وطن إلا إلى ربع خمار وحانات أيام أسحب أذيال الهوى مرحاً مصرعاً بين سكرات ونشوات عوضت منهن أحزانا تؤرقني بعد السرور وفرحات بترحات لولا عذار تعالى كيف صوره رب العباد اتعذيبي وحسراتي كأنه مشقة من خد من شقيت روحي بهجرانه أو عطف نونات لما حللت بدار مالها أحد إلا أناس تواصوا بالخساسات لو كنت بين كرام ما تهضمني دهر أناخ على أهل المروءات



قصيدة مدينة الحب

يقول كريم العراقي:[٦]

كفى، كفى ملاماً فجلد الذاتِ أدماني

كفى ملاماً كفى

كفى ملاماً، فجلد الذاتِ أدماني

صفعت وجهي، صفعت وجهي

أهذا يا زمان أنا، أنا، أنا، أنا

آه أذلني الحب، أخرسني وأعماني

بعد الفراق، بعد الفراق

رأيت الصبر شيعني

بعد الفراق، آه بعد الفراق

رأيت الصبر شيعني

في صحوة الفجر، أمشي مشي سكرانِ

بعد الفراق، بعد الفراق

رأيت الصبر شيعني

في صحوة الفجر، أمشي مشي سكرانِ

يخيفني الليل، يخيفني الليل

والذكرى آه، آه تعذبني

يخيفني الليل، يخيفني الليل

والذكرى آه، آه تعذبني

وحارب النوم ذاكرتي وأجفاني

صفعت وجهي، صفعت وجهي

أهذا يا زمان أنا، أنا، أنا، أنا

آه أذلني الحب، أخرسني وأعماني


قصيدة أقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا

يقول جرير:[٧]


أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا أَجَدِّكَ ما تَذَكَّرُ أَهلَ نَجدٍ وَحَيّاً طالَ ما اِنتَظَروا الإِيابا بَلى فَاِرفَضَّ دَمعُكَ غَيرَ نَزرٍ كَما عَيَّنتَ بِالسَرَبِ الطِبابا وَهاجَ البَرقُ لَيلَةَ أَذرِعاتٍ هَوىً ما تَستَطيعُ لَهُ طِلابَ فَقُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا سَأَلناها الشِفاءَ فَما شَفَتنا وَمَنَّتنا المَواعِدَ وَالخِلابا لَشَتّانَ المُجاوِرُ دَيرَ أَروى وَمَن سَكَنَ السَليلَةَ وَالجِنابا أَسيلَةُ مَعقِدِ السِمطَينِ مِنها وَرَيّا حَيثُ تَعتَقِدُ الحِقابا وَلا تَمشي اللِئامُ لَها بِسِرٍّ وَلا تُهدي لِجارَتِها السِبابا أَباحَت أُمُّ حَزرَةَ مِن فُؤادي شِعابَ الحُبِّ إِنَّ لَهُ شِعابا



قصيدة وإذا ما منحتُ دهري عِتابي

يقول الخطيب الحصكفي:[٨]


وإذا ما منحتُ دهري عِتابي فرَثى لي وجَدَّ في إعتابي طلَعَتْ شمسُه عليَّ خُطوطاً فجلَتْني في لملبَس العَتّاب



قصيدة لَسْت مِمَنْ يرى الملامةَ نُصحا

يقول ابن دانيال الموصلي:[٩]


لَسْت مِمَنْ يرى الملامةَ نُصحا مِن عَذولٍ بِعذْلهِ قَد ألحّا لا ولا أبتغي السُّلوَّ ولو بَرَّ حَ بي الشوقُ في المحبّةِ بَرْحا كيفَ أَسلو وَمُهجَتي في لهيبٍ وَجفوني منَ المدامع قَرحَى في هوى شادنٍ إذا جُدتُ بالرو حِ سَخاءً يَضِنُّ بالوصْلِ شحّا كُلُّ يومٍ أموتُ فيهِ وأَحيا بِلحاظٍ هُنَّ المراضُ الأصِحّا وبديعٍ يُريكَ منْ شَعْرِهِ الفا حِمِ ليلاً ووجهِهِ الطلقِ صُبحا كتبَ الحسنُ فوقَ خَدَّيهِ بالمِسْ كِ كِتاباً لِشِقوَتي ليسَ يُمحى بِعذارٍ أقامَ عُذريْ وَمثلي ليسَ يَلحى عليهِ لو صارَ ألحى زارَني في الدُّجى اختفاءً فَنَمّت نسمةُ الرِّيحِ عنهُ طيباً ونَفحا وتَثَنّى مثلَ القَضيبِ وكادَتْ فوقَه تَصْدَحُ الحمائِمُ صَدْحا فاعتَنَقْنا حتى اغتدى وردُ خدَّيْ هِ بِطَلِّ الحياءِ يقطُرُ رشحا واجتَلَينْا الهلالَ والحقفَ والغُص نَ جَميعاً وَجهاً وَرَدْفاً وكشحا



قصيدة يا صاحِ عَن بَعضِ المَلامَةِ أَقصِرِ

يقول الشاعر جميل بثينة:[١٠]

يا صاحِ عَن بَعضِ المَلامَةِ أَقصِرِ

إِنَّ المُنى للِقاء أُمّ المِسوَرِ

وَكَأَنَّ طارِقَها عَلى علَلِ الكَرى

وَالنَجمُ وَهناً قَد دَنا لِتَغورِ

يَستافُ ريحَ مَدامَةٍ مَعجونَةٍ

بِذَكِيِّ مِسكٍ أَو سَحيقِ العَنبَرِ

إِنّي لَأَحفَظُ غَيبَكُم وَيَسُرُّني

لَو تَعلَمينَ بِصالِح أَن تُذكَري

وَيَكونُ يَومٌ لا أَرى لَكِ مُرسَلاً

أَو نَلتَقي فيهِ عَلَي كَأَشهُرِ

يا لَيتَني أَلقى المَنِيَّةَ بغتَةً

إِن كانَ يَومُ لِقائِكُم لَم يقدرِ

أَو أَستَطيعُ تَجَلُّداً عَن ذِكرِكُم

فَيفيقُ بَعضُ صَبابَتي وَتُفَكِّري

لَو تَعلَمينَ بِما أُجِنُّ مِنَ الهَوى

لَعَذَرتِ أَو لَظَلَمتِ إِن لَم تَعذِري

وَاللَهِ ما لِلقَلبِ مِن عِلمٍ بِها

غَيرُ الظُنونِ وَغَيرُ قَولِ المُخبِرِ

لا تَحسَبي أَنّي هَجَرتُكِ طائِعاً

حَدَثٌ لَعَمرُكِ رائِعٌ أَن تُهجَري

وَلَتَبكِيَنّي الباكِياتُ وَإِن أَبُح

يَوماً بِسِرِّكِ مُعلِناً لَم أُعذَرِ

يَهواكِ ما عِشتُ الفُؤادُ فَإِن أَمُت

يَتبَع صَدايَ صَداكِ بَينَ الأَقبُرِ

إِنّي إِلَيكِ بِما وَعَدتِ لناظِرٌ

نَظَرَ الفَقيرِ إِلى الغَنِيِّ المُكثِرِ

تُقضى الدُيونُ وَلَيسَ يُنجِزُ مَوعِداً

هَذا الغَريمُ لَنا وَلَيسَ بِمُعسِرِ

ما أَنتِ وَالوَعد الَّذي تَعِديني

إِلّا كَبَرقِ سَحابَةٍ لَم تُمطِرِ

قَلبي نَصَحتُ لَهُ فَرَدَّ نَصيحَتي

فَمَتى هَجَرتيهِ فَمِنهُ تَكَثَّري


قصيدة عاتبته فاستطالا

يقول ابن منير الطرابلسي:[١١]


عاتَبْتُهُ فاسْتَطالا وصَدَّ عنّي دلالا وهكذا مَن تعالَى في حُسْنِه يتغالَى مولايَ قد ذُبْتُ صبراً وكم تُذيب مطالا ما كان عهدُك إِلّا مثل السُّلُوِّ مُحَالا بَلْ كان زُورَ خضابٍ نَما وفي الحالِ حَالا سَلَبْت حبَّة قلبي وصُغْتُهَا لك خالا فقد كَسَتْني نحولاً كما كَسَتْكَ جمالا يا كاملاً وَجهُهُ عل لَمَ البدور الكمالا يا أَحسنَ النّاس وجهاً صِلْ أَسْوأ النّاسِ حالا حاشا جَمالكَ مِن أَن يَستَقبِحَ الإِجمالا لَم أَحظَ مِنكَ بِسُؤلٍ وَقَد فَنيت سُؤالا أَما تعلَّمْتَ شَيئاً مِنَ الكلام سِوَى لا



قصيدة إِلى كَمِ الطَرفُ بِالبَيداءِ مَعقودُ:

يقول الشريف الرضي:[١٢]


إِلى كَمِ الطَرفُ بِالبَيداءِ مَعقودُ وَكَم تَشَكّى سُرايَ الضُمَّرُ القودُ تَعِلَّةٌ لِيَ بَعدَ القُربِ تَولِيَةٌ عَنِ المَقامِ وَبَعدَ النَومِ تَسهيدُ يا دارَ ذُلٍّ لِمَن فارَقتِ قَعدَتَهُ وَالعِزُّ أَولى بِمَن عُلِّقتِ يابيدُ أَرمي بِأَيدي المَطايا كُلَّ مُشتَبِهٍ تَنبو بِأَخفافِها عَنهُ الجَلاميدُ وَكُلَّ لَيلٍ تُضِلُّ النُجمَ ظُلمَتُهُ قَلبُ الدَليلِ بِهِ حَيرانُ مَزؤودُ وَغِلمَةٍ في ظُهورِ العيسِ أَرَّقَهُم هَمٌّ شُعاعٌ وَآمالٌ عَباديدُ مُلَثَّمينَ بِما راخَت عَمائِمَهُم وَكُلُّهُم طَرِبٌ لِلبَينِ غَرّيدُ لا آخُذُ الطَعنَ إِلا عَن رِماحِهِمُ إِذا تَطاعَنَتِ الشُمُّ المَناجيدُ وَرُبَّ أَمرٍ بَعيدِ الغايِ قَرَّبَني مِنهُ السَوابِقُ وَالبُزلُ المَقاحيدُ وَخِطَّةٍ بَينَ أَرماحِ العِدى ضَمِنَت نَجايَ مِن ضيقِها سَمراءُ قَيدودُ مالي بِغَيرِ العُلى في الأَرضِ مُضطَرَبٌ وَلا لِجَنبي بِغَيرِ العِزِّ تَمهيدُ وَلا خَطَوتُ إِلى بَأسٍ وَلا كَرَمٍ إِلّا وَمَوضِعُ رِجلي مِنهُ مَوجودُ ضاعَ الشَبابُ فَقُل لي أَينَ أَطلُبُهُ وَاِزوَرَّ عَن نَظَري البيضُ الرَعاديدُ وَجَرَّدَ الشَيبُ في فودَيَّ أَبيَضَهُ يالَيتَهُ في سَوادِ الشَعرِ مَغمودُ بيضٌ وَسودٌ بِرَأسي لا يُسَلِّطُها عَلى الذَوائِبِ إِلّا البيضُ وَالسودُ يُؤَمِّلُ الناسُ أَن يَبقَوا وَما عَلِموا أَنَّ الفَتى لِيَدِ الأَقدارِ مَولودُ شُغِلتُ بِالهَمِّ حَتّى ما يُفَرِّحُني لَولا الخَليفَةُ نوروزٌ وَلا عيدُ أَهوى لَهُ كُلَّ أَيّامٍ يُسَرُّ بِها وَإِن طَغى بَينَنا نَأيٌ وَتَبعيدُ مُحَسَّدُ المَجدِ مَغبوطٌ مَناقِبُهُ مُتَيَّمُ القَلبِ بِالعَلياءِ مَعمودُ كَريمُ ما ضَمَّ بُرداهُ وَعِمَّتُهُ عَفيفُ ما ضُمَّنَت مِنهُ المَراقيدُ مُطَهَّرُ القَلبِ لا اِنهَلَّت مَدامِعُهُ وَجداً وَما حَقَّرَ الأَنفاسَ تَصعيدُ ما راقَ عَينَيهِ إِلّا ما أَقَرَّهُما مِنَ المَكارِمِ لا عَينٌ وَلاجيدُ المَورِدُ الرَمحَ ما نالَت عَوامِلُهُ وَالمُطعِمُ العَضبَ ما عَزاهُ تَجريدُ وَالقائِدُ الخَيلَ يَمطو في أَعِنَّتَها*مَطوَ النَعامِ أَضَلَّتها القَراديدُ في كُلِّ يَومٍ لَهُ نُعمى يُجَدِّدُها تَملا يَدي وَلَقولي فيهِ تَجديدُ وَما أُسَرُّ بِمالٍ لا أَعُزُّ بِهِ وَلا أَلَذُّ بِرَأيٍ فيهِ تَفنيدُ لَيسَ السَراءُ بِغَيرِ المَجدِ فائِدَةٌ وَما البَقاءُ بِغَيرِ العِزِّ مَحمودُ جُرحُ الحِمامِ وَلا جُرحُ الأَذى أَبَداً وَالمَوتُ عِندَ طُروقِ الضَيمِ مَورودُ صارَت إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى غَرّاءَ أَحرَزَها آباؤُكَ الصيدُ مِن هاشِمٍ أَنتَ في صَمّاءَ شاهِقَةٍ لَها رِواقٌ بِباعِ المَجدِ مَعمودُ نِهايَةُ العِزِّ أَن تَبقى لَهُ أَبَداً وَغايَةُ الجودِ أَن يَبقى لَكَ الجودُ لِأَيِّ حالٍ يُداري القَلبُ غُلَّتَهُ رَجاءَ وِردٍ وَوِردي مِنكَ تَصريدُ قَد كُنتُ عَن عَدَدِ الأَيّامِ في شُغُلٍ فَاليَومَ عامي لِوَعدٍ مِنكَ مَعدودُ أُلامُ فيكَ وَأُذني غَيرُ سامِعَةٍ فَاللَومُ مُطَّرَحٌ وَالعَذلُ مَردودُ يَرومُ مُلكَكَ مَن لا رَأيَ يُنجِدُهُ وَلا فَخارٌ وَلا بَأسٌ وَلا جودُ وَكَيفَ يَطلُبُ شَأواً مِنكَ ذو ظَلَعٍ باقي غُبارِكَ في عَينَيهِ مَوجودُ ما كُلُّ بارِقَةٍ تَحدو السَحابَ وَلا كُلَّ السَحابِ مَباريقٌ مَراعيدُ يَستَفرِهُ الخَيلَ وَالأَقدارُ تَحصُرُهُ وَيَستَطيلُ العَوالي وَهوَ رِعديدُ لا تَحفَلَن بِوَعيدٍ زَلَّ عَن فَمِهِ فَما يَضُرُّ مِنَ المَغرورِ تَوعيدُ وَلا يُؤمَّلُ أَن يَلقاكَ في عَدَدٍ إِن أَصحَرَ اللَيثُ أَخفى شَخصَهُ السيدُ وَلو بَسَطتَ يَميناً بِالعِراقِ إِذاً نالَتهُ وَهوَ بَعيدُ الدارِ مَطرودُ أُعيذُ مَجدَكَ أَن أَبقى عَلى طَمَعٍ وَأَن تَكونَ عَطايايَ المَواعيدُ وَإِن أَعيشَ بَعيداً مِن لِقائِكُمُ ظَمآنَ قَلبٍ وَذاكَ الوِردُ مَورودُ ما لي أُحِبُّ حَبيباً لا أُشاهِدُهُ وَلا رَجايَ إِلى لُقياهُ مَمدودُ وَأُتعِبُ القَلبَ فيمَن لا وِصالَ لَهُ يا لِلرِجالِ أَقَلَّ الخُرَّدُ الغيدُ أَكثَرتُ شِعري وَلَم أَظفَر بِحاجَتِهِ فَسَقَّني قَبلَ أَن تَفنى الأَغاريدُ قَد جاءَ عيدٌ وَعيدُ المَرءِ لَذَّتُهُ وَأَنتَ فيهِم عَظيمُ القَدرِ مَحمودُ عَيشُ الفَتى كُلُّهُ وَقتٌ يُسَرُّ بِهِ مِنَ الدُنا وَجَميعُ العَيشِ مَفقودُ فَاِسعَد بِهِ وَبِأَيّامٍ طُرِفنَ بِهِ إِنَّ العَزيزَ عَلى العِلّاتِ مَسعودُ قَليلُ مَدحِكَ في شِعري يُزَيِّنُهُ حَتّى كَأَنَّ مَقالي فيكَ تَغريدُ كَم خَوَّضَ الناسُ في قَولي وَقائِلِهِ وَكَم غَلا بِيَ إِغراقٌ وَتَجويدُ أُذَمُّ مِن أَجلِ أَشعاري فَواعَجَبا تُذَمَّ إِن جَنَتِ الخَمرَ العَناقيدُ وَما شَكَوتُ لِأَنَّ العِزَّ يُقعِدُني وَأَنتَ سَيفي وَيَومَ الرَوعِ مَشهودُ


المراجع

  1. الأعمال الكاملة لأمير الشعراء أحمد شوقى
  2. "دراسة الأفكار والعاطفة في قصيدة "لوم وعتاب" لأبي فراس الحمداني (تحت ضوء النقد النفسي)"، مجلة اللغة العربية وآدابها، العدد 1، صفحة 137 - 158.
  3. عبد الرحمن العشمواي، يكون العتاب دليلاً على الحب وقلبي&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwithJampLDxAhXZEcAKHar_AnkQ6AEwAXoECAgQAg#v=onepage&q=عندما يكون العتاب دليلاً على الحب وقلبي&f=false ديوان مراكب ذكرياتي، صفحة 154.
  4. ديوان الفرزدق
  5. الثعالبي، ملامك يا ذات الملامات&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiQkse-m7PxAhUCxoUKHXY6D6IQ6AEwA3oECAIQAg#v=onepage&q=كفى ملامك يا ذات الملامات&f=false يتيمة الدهر في شعراء أهل العصر، صفحة 242.
  6. ديوان كريم العراقي
  7. ديوان جرير
  8. العماد الأصبهاني، ما منحتُ دهري عِتابي&dq=وإذا ما منحتُ دهري عِتابي&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjj1s_InbPxAhVD4OAKHdI2D2AQ6AEwAHoECAYQAg خريدة القصر وجريدة العصر، صفحة 87.
  9. ديوان ابن دانيال الموصلي
  10. إبراهيم زيدان، نوادر العشاق، صفحة 101.
  11. ديوان الشريف الرضي