عبد القادر الجيلاني

عبد القادر الجيلي، أو الجيلاني، هو عبد القادر بن أبي صالح موسى جنكي دوست بن أبي عبد الله بن يحيى الزاهد، ويلقب أيضًا بالمُجل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ولد في بلدة جيلان، وهي بلاد متفرقة وراء طبرستان، سنة 471 للهجرة، وهو يعد عالمًا بمختلف العلوم، وقضى 32 سنةً في طلب العلم، تميز بالذكاء والفطنة، وقد أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وله الكثير من المؤلفات، والكتب الدينية المترجمة للكثير من اللغات، وأما أعماله الشعري تلخصت بديوان شعري به كل قصائده، وقد توفي سنة 561 هجري.[١][٢]


قصيدة الأسماء الحسنى

يقول عبد القادر الجيلاني:[٣]


شَــرَعْــتُ بِــتَــوْحِــيــدِ الإِلهِ مُــبَــسْــمِــلاَ سَــأَخْــتِــمُ بِــالذِّكْــرِ الْحَــمِــيـدِ مُـجَـمِّلـاَ وَأَشْهَـــــــدُ أَنَّ الله لاَ رَبَّ غَـــــــيْــــــرُهُ تَــنَــزَّهَ عَــنْ حَــصْــرِ الْعُــقُــولِ تَــكَــمُّلــا وَأَرْسَــلَ فِــيــنَــا أَحْــمَــدَ الْحَـقِّ مُـقْـتَـدي نَـــبِـــيــاً بِهِ قَــامَ الْوُجُــودُ وَقَــدْ خَــلاَ فَـــعَـــلَّمَـــنَـــا مِـــنْ كُـــلِّ خَـــيْـــرِ مُــؤَيَّدٍ وَأَظْهَــرَ فِــيـنَـا الْعِـلْمَ وَالْحِـلْمَ وَالْوَلاَ مَـــا طَـــالِبـــاً عِـــزّاً وَكَــنْــزاً وَرِفْــعَــةً مِــنَ الله فَــادْعــهُ بِــأَسْــمَــائِهِ الْعُــلاَ وَقُــلْ بِــانْــكِــسَــارِ بَــعْــدَ طُهْــرِ وَقُـرْبَـةٍ فَـــأَسْـــأَلُكَ اللَّهُـــمَّ نَـــصْـــراً مُـــعَــجَّلــاَ بِــحَــقِّكــَ يَــا رَحْــمَــنُ بِــالرَّحْــمَـةِ الَّتـي أَحَــاطَــتْ فَــكُــنْ لِي يَــا رَحِــيـمُ مُـجَـمِّلـا وَيَــــا مَـــلِكٌ قُـــدُّوسُ قَـــدِّسْ سَـــرِيـــرَتِـــي وَسَـــلِّمْ وُجُـــودِي يَــا سَــلاَمُ مِــنَ الْبَــلاَ وَيَــا مُــؤْمِــنٌ هَــبْ لِي أَمَــانــاً مُــحَـقَّقـاً وَسِــتْــراً جَــمــيـلاً يَـا مُهَـيْـمِـنُ مُـسْـبَـلاَ عَــزِيــزٌ أَزِلْ عَــنْ نَـفْـسـيَ الذُّلَّ وَاحْـمِـنِـي بِــعِــزِّكَ يَــا جَــبَّاــرُ مَــا كَــانَ مُــعْـضِـلاَ وَضَـــعْ جُـــمْــلَةَ الأَعْــدَاءِ يــا مُــتَــكَــبِّرٌ وَيَــا خَــالِقٌ خُــذْ لِي عَــنِ الشَّرِّ مَــعْــزِلاَ وَيَــا بَــارِيَّ النَّعــْمَـاءِ زِد فَـيْـضَ نِـعْـمَـةٍ أَفَـــضْـــتَ عَـــلَيْـــنَـــا يَـــا مُــصَــوِّرُ أَوَّلاَ رَجَــوْتُــكَ يــا غَــفَّاــرُ فـاقْـبِـلْ لتـوْبَـتـي بــقَهْــرِكَ يــا قَهَّاــرُ شَــيْــطَــانِـيَ اخْـذُلاَ وَهَـــبْ لِيَ يَـــا وَهَّاــبُ عِــلْمــاً وَحِــكْــمَــة وَللرِّزْقِ يَــــا رزَّاقُ كُــــنْ لِي مُــــسَهِّلــــاَ وَبِــالفَــتْــحِ يَــا فَــتَّاـحُ نَـوِّرْ بَـصِـيـرَتِـي وَعِــلْمــاً أَنِــلْنِــي يَــا عَــليــمُ تَــفَـضُّلـاَ وَيَــا قَــابِــضْ أَقــبــضُ قَــلْبَ كُـلِّ مُـعَـانِـدٍ وَيَـا بَـاسِـطُ ابْـسُـطْـنِـي بِـأَسْـرَارِكَ الْعُـلاَ وَيَــا خَــافِــضُ اخــفِــضْ قَــدْرَ كُـلِّ مُـنَـافِـقٍ وَيَــا رَافِــعُ ارفَــعْــنِــي بِــرَوْحِـكَ أَسْـأَلاَ سَــــأَلْتُــــكَ عِــــزّاً يـــا مُـــعِـــزُّ لأَهْـــلِهِ مُـــذِلٌّ فَـــدِلَّ الظَّاـــلِمِـــيـــنَ مُـــنَـــكِّلـــاَ وَعِــلْمُــكَ كَــافٍ يَــا سَــمِــيــعُ فَــكُــنْ إذَنْ بَــصِــيــراً بِــحَــالِي مُــصْــلِحَــاً مُـتَـقَـبِّلـاَ وَيَـــا حَـــكَـــمٌ عَـــدْلٌ لَطِـــيـــفٌ بِـــخَـــلْقِهِ خَــبِــيــرٌ بِـمَـا يَـخْـفَـى وَمَـا هُـوَ مُـجْـتَـلاَ فَــحِــلْمُــكَ قَــصْــدِي يَــا حَــلِيـمُ وَعُـمْـدَتِـي وَأَنْــتَ عَــظِــيــمٌ عُــظْــمُ جُــودِكَ قَــدْ عَــلاَ غَـــفُـــورٌ وَسَـــتَّاـــرٌ عَـــلَى كُـــلِّ مُـــذْنِـــبٍ شَـــكُـــورٌ عَـــلَى أَحْـــبَــابِهِ كُــنْ مُــوَصِّلــاَ عـــليِّ وَقَـــدْ أَعْـــلَى مَـــقَـــامَ حَـــبِــيــبِهِ كَــبِـيـرٌ كَـثِـيـرُ الْخَـيْـرِ وَالجُـودِ مُـجْـزِلاَ حَـــفِـــيـــظٌ فَـــلاَ شــيــءٌ يَــفُــوتُ لِعِــلْمِهِ مُــقِــيــتٌ يُــقِـيـتُ الْخَـلْقَ أَعْـلَى وَأَسْـفَـلاَ فَــحُــكْــمُــكَ حَــسْــبِــي يَـا حَـسِـيـبُ تَـوَلَّنِـي وَأَنْــتَ جَــلِيــلٌ كُــنْ لِخَــصْــمِــي مُــنَــكِّلــاَ إلهــي كَــرِيــمٌ أَنْــتَ فَــاكْــرِمْ مَــوَاهِـبِـي وَكُـــنْ لِعَـــدُوِّي يَـــا رَقِـــيــبُ مُــجَــنْــدِلاَ دَعَــوْتُــكَ يَــا مَــوْلى مُـجِـيـبـاً لِمَـنْ دَعَـا قَـدِيـمَ الْعَـطَـايَا وَاسِعَ الْجُودِ فِي الْمَلاَ إلَهِــي حَــكِــيــمٌ أَنْــتَ فَـاحْـكُـمْ مَـشَـاهِـدِي فَــــوُدُّكَ عِــــنْــــدِي يَــــا وَدُودُ تَـــنَـــزَّلاَ مَـجِـيـدٌ فَهَـبْ لِي الْمَـجْـدَ وَالسَّعْدَ والْوِلاَ وَيَـا بَـاعِـثُ ابـعَـثْ جَـيْـشَ نَـصْـرِي مُهَـروِلاَ شَهِــيــدٌ عَــلَى الأَشْــيَـاءِ طَـيِّبـْ مَـشَـاهِـدِي وحَــقَّقــْ لِي يــا حَــقُّ الْمَــوَارِدِ مَــنْهَــلاَ إِلَهِـــي وَكِـــيــلٌ أَنْــتَ فَــاقْــضِ حَــوَائِجِــي وَيَـــكْـــفِـــي إِذَا كَـــانَ الْقَــويُّ مُــوَكَّلــاَ مَــتِــيــنٌ فَــمَــتِّنــْ ضَــعْــفَ حَــوْلِي وَقُـوَّتِـي أَغِـــثْ يَـــا وَليُّ مَـــنْ دَعَـــاكَ تَـــبَـــتُّلــاَ حَــمَــدْتُــكَ يَــا مَــوْلىً حَــمِــيــداً مُــوَحِّداً وَمُـــحْـــصِـــيَ زَلاَّتِ الْوَرَى كُـــنْ مُـــعَـــدِّلا إِلَهِــيَ مُــبْــدِي الْفَـتْـحَ لِي أَنْـتَ وَالْهُـدَى مُـعِـيـدُ لَمِـا فِـي الْكَـوْنِ إنْ بَادَ أَوْ خَلاَ سَــأَلْتُــكَ يَــا مُــحْــيــي حَــيَــاةً هَــنِـيـئَةً مُــمِــيــتٌ أَمِــتْ أَعْــدَاءَ دِيــنِــي مُــعَـجِّلـا وَيَـا حَـيُّ أَحْـيِـي مَـيْـتَ قَـلْبِـي بِـذِكْـركَ الْ قــــدِيـــمِ وَكُـــنْ قَـــيُّومَ سِـــرِّى مُـــوَصِّلـــاَ وَيَــا وَاجِــدَ الأنَــوَار أَوْجِــدْ مَــسَــرَّتِــي وَيَــا مَــاجِــدَ الأَنْــوَارِ كُــنْ لِي مُـعَـوِّلاَ وَيَــــا وَاحِــــدٌ مَــــا ثَــــمَّ إلاَّ وُجُــــودُهُ وَيَـــا صَـــمَـــدٌ قَـــامَ الْوُجُـــودُ بِهِ عَـــلاَ وَيَــا قَــادِرٌ ذَا الْبَــطْــشِ أَهْــلِكْ عَـدُوَّنَـا وَمُـــقْـــتَـــدِرٌ قَـــدِّرْ لِحُــسَّاــدِنَــا الْبَــلاَ وقَـــدَّمْ لِسِـــرِّي يَـــا مُـــقْـــدِّمُ عَـــافِــنِــي مِــنَ الضُّرِّ فَــضْــلاً يَــا مُـؤَخِّرُ ذَا الْعُـلا وَأَسْــــبِـــقْ لَنَـــا الْخَـــيْـــرَاتِ أَوَّلَ أَوَّلاَ وَيَـــا آخِـــرُ اخْـــتِـــمْ لِي أَمُــوتُ مُهَــلِّلاَ وَيَــا ظَــاهِــرُ أَظِهــرْ لِي مَـعَـارِفَـكَ التـي بِــبَــاطِــنِ غَــيْـبِ الْغَـيْـبِ يـا بَـاطِـنٌ وَلاَ وَيَـــا وَالٍ أَوْلِ أمْـــرَنَـــا كُـــلِّ نَـــاصِـــحٍ وَمُـــتْـــعَـــالِ أَرْشِـــدْهُ وَأَصِــلحْ لَهُ الَولاَ وَيَــا بَــرُّ يَــا رَبُّ الْبَـرَايَـا وَمُـوهِـبَ الْ عَـــطَـــايَــا وَيَــا تَــوَّابُ تُــبْ وَتَــقَــبَّلــاَ وَمُــنْــتَــقِــمٌ مِــنْ ظَــالِمِــيــنَ نُــفُــوسَهُــمْ كَـــذَاكَ عُـــفُـــوٌّ أَنْـــتَ فَــاعْــفُ تَــفَــضُّلــاَ عَـــطُـــوفٌ رَءُوفٌ بِـــالْعِـــبَـــادِ وَمُـــسْــعِــفٌ لِمَــنْ قَـدْ دَعَـا يَـا مَـالِكَ الْمُـلْكِ أَجَـزِلا فــأَلْبــسْ لَنَــا يَــا ذَا الْجَــلاَلِ جَــلاَلَةً فَــجُــودُكَ بِــالإِكْــرَامِ مَــا زَالَ مُهْــطِــلاَ وَيَــا مُــقْــسِـطٌ ثَـبِّتـْ عَـلَى الْحَـقِّ مُهْـجَـتِـي وَيَا جَامِعُ اجْمَعْ لِي الْكَمالاَتِ فِي المَلاَ إلهــي غَــنَــيِّ أَنْــتَ فَــاذْهِــبْ لِفَــاقَــتِــي وَمُــغْــنٍ فَــأَغْــنِ فَــقْـرَ نَـفْـسـي لِمَـا خَـلاَ وَيَـا مَـانِـعُ امْـنـعْـنِي مِنَ الذَّنْبِ وَاشْفِنِي مِــنَ السُّوء مِــمَــا قَــدْ جَــنَــيْـتُ تَـعَـمُّلـاَ وَيَـــا ضَـــارُّ كُــنْ لِلْحَــاسِــدِيــنَ مُــوَبِّخــاً وَيَــا نَــافِــعُ أنْــفَــعْـنِـي بِـرُوحِ مُـحَـصَّلـاَ وَيَــا نُـورُ أَنْـتَ النُّورُ فِـي كُـلِّ مَـا بَـدَا وَيَـا هَـادِ كُـنْ لِلنُّورِ فِـي الْقَـلْب مُـشْعِلاَ بَــديــعَ الْبَــرَايَــا أَرتَـجِـي فَـيْـضَ فَـضْـلِهِ وَلَمْ يَـــبْـــقَ إِلاَّ أَنْـــتَ بَـــاقٍ لَهُ الْولا وَيَــا وَارِثُ اجْــعَــلْنِــي لِعِــلْمِــكَ وَارِثــاً وَرُشْــداً أَنِــلْنِــي يــا رشِــيــدُ تَــجَــمُّلــاَ صَـــبُـــورٌ وَسَـــتَّاـــرٌ فَــوَفَّقــْ عَــزِيــمَــتِــي عـلى الصَّبـْرِ وَاجْـعَـلِ لِي اخْتِياراً مُزَمِّلاَ بَــأَسْــمَــائِكَ الْحُــسْــنَــى دَعَــوْتُــكَ سَــيِّدِي وَآيَــاتُــكَ العُــظْــمَــى ابْــتـهَـلْتُ تَـوَسُّلـاَ فَـــأَســـأَلُكَ اللَّهُـــمَّ رَبِّيـــ بِـــفَـــضْــلِهَــا فَهِــيِّئــْ لَنَــا مِــنْــكَ الكَــمَــالَ مُــكَـمِّلـاَ وَقَـابِـلْ رَجَـائِي بِـالرِّضَـا مِـنْـكَ وَاكْـفِـنِـي صُــــرُوفَ زَمَــــانٍ صِــــرْتُ فِــــيِه مُـــحَـــوَّلاَ أَغِـثْ وَاشْـفِـنـيِ مِـنْ دَاءِ نَـفْـسِـىَ وَاهْـدِنِـي إِلَى الخَـيْـرِ وَاصْـلِحْ مَـا بِـعَـقْـلِي تَـخَلَّلاَ إِلَهِـــــيَ فَـــــارْحَــــمْ وَالِدَيَّ وإِخْــــوَتِــــي وَمَــنْ هَــذِهِ الأَسْــمَــاءِ يَــدْعُــو مُــرَتِّلــاَ أَنَــا الْحَــسَــنِــيُّ الأَصْــلِ عَــبْــدٌ لِقَــادِرٍ دُعِـيـتُ بِـمُـحْـيِـي الدِّيـنِ فـي دَوْحَةٍ العُلاَ وَصَـــلِّ عَـــلَ جَـــدِّي الْحَـــبِـــيـــبِ مُـــحَـــمَّدٍ بِــأَحْــلَى سَــلاَمٍ فِــي الْوُجُــودِ وَأَكْــمَــلاَ مَــعَ الآلِ وَالأَصْــحَــابِ جَــمْــعَــاً مُــؤَيَّداً وَبَـــعْـــدُ فَــحَــمْــدُ اللهِ خَــتْــمَــاً وَأَوَّلاَ





قصيدة ما في الصبابة

يقول عبد القادر الجيلاني:[٤]


مَا فِي الصَبابَةِ مَنْهَلٌ مُسْتعْذَبُ إِلاّ وَلِي فِيهِ اْلأَلَذُ الأَطْيَبُ أَوْ فِي الْوِصَالِ مَكَانَهُ مَخْصوْصَةٌ إلاَّ وَمَنْزلَتي أَعَزُّ وَأَقْرَبُ وَهَبَتْ لِيَ الأَيّامُ رَوْنَقَ صَفْوِهَا فَحَلَتْ مَنَاهِلْهَا وَطَابَ الْمَشْرَبُ وَغَدَوْتُ مَخْطُوباً لِكُلِّ كَرِيمةٍ لاَ يَهْتَدي فِيهَا اللَّبِيبُ فَيَخْطُبُ أَنَا مِنْ رِجَالِ لاَ يَخَافُ جَليسُهُمْ رَيْبَ الزَّمَانِ وَلاَ يَرى مَا يَرْهَبُ قَوْمٌ لَهُمْ فِي كُلِّ مَجْدٍ رُتْبَةٌ عُلْويَّةٌ وَبِكُلِّ جَيْشٍ مَوْكِبُ أَنَا بُلْبُلُ الأَفْرَاحِ أَمْلأَ دَوْحَها طَرَباً وَفِي الْعَلْيَاءِ بَازٌ أَشْهَبُ أَضْحَتْ جُيُوشُ الحُبِّ تَحْتَ مَشِيئَتي طَوْعاً وَمَهْمَا رُمْتُهُ لاَ يَعْزُبُ أَصْبَحْتُ لاَ أَمَلاً ولاَ أُمْنِيَّةً أَرْجُو وَلاَ سَوْعُودةً أَتَرَقَّبُ مَا زِلْتُ أَرْتَعُ فِي مَيَادِينِ الرِّضَا حَتَّى بَلَغْتُ مَكَانَةً لاَ تُوهَبُ أَضْحَى الزَّمَانُ كَحُلَّةٍ مَرْقُومَةٍ نَزْهُو وَنَحْنُ لَهَا الطِّرَازُ المُذْهَبُ أَفَلتْ شُمُوسُ الأَوَّلِينَ وَشَمْسُنَا أَبَداً عَلَى فَلَكِ الْعُلَى لاَ تَغْرُبُ



قصيدة الوسيلة

يقول عبد القادر الجيلاني:[٥]


وَلَمـا صَـفَـا قَـلْبـي وَطَـاَبـتْ سَـرِيـرَتِـي وَنَــادَمَـنِـي صَـحْـويِ بِـفَـتْـحِ الْبَـصِـيـرة شَهِـــدْتُ بِـــأَنَّ الله مَــوْلَى الْوِلاَيَــةِ وَقَــدْ مَــنَّ بِـالتَّصـْرِيـفِ فِـي كُـلِّ حَـالَةِ سَــقَــانِــي إِلهــيِ مِــنْ كــؤوس شَــرَابِهِ فَــأَسْــكَــرَنِــي حَـقَـاً فَهِـمْـتُ بِـسَـكْـرتِـي وحَــكْــمَـنِـي جِـمْـع الدِّنَـانِ بِـمَـا حَـوَى وَكُـــلُّ مُـــلُوكِ الْعَــالمِــيــنَ رَعِــيَّتــي وَفـيِ حَـانِنَا فادْخُلْ تَرَ الْكَأْسَ دَائِراً وَمَــا شَــرِبَ العُــشَّاــقُ إِلاَّ بَــقِــيَّتــي رُفِـعْـتُ عَلَى مَنْ يَدَّعِي الْحُبَّ فِي الْوَرَى فَــقَــرَّبَــنــي الْمَــوْلَى وَفُـزْتُ بِـنَـظْـرَةِ وَجَـالَتْ خُـيُـولِي فِـي الأَرَاضِـي جَـمِعَها وَزُفَّتــْ لِيَ الْكَــاسَــاتُ مِــنْ كُـلِّ وِجْهَـةِ وَدُقَّتْ لِي الْرَايَاتُ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَا وَأَهْـلُ السَّمـَا والأَرْضِ تَـعْـلَمُ سَـطْـوتِي وَشَـاءُوسُ مُـلْكِـي سَـارَ شَـرْقـاً وَمَـغْـرِباً فَــصِــرْتُ لأَهْـلِ الْكَـرْبِ غَـوْثـاً ورَحْـمَـةِ فَـمَـنْ كَـانَ مِـثْـلِي يَـدَّعِـي فِـكُمُ الْهَوَى يُــطَـاوِلُنـي إنْ كَـانَ يَـقْـوَى لِسَـطْـوَتِـي أَنَّاـ كُـنْـتُ فـي الْعُـلْيَـا بِـنُـور مُحَمَّدٍ وَفِـي قَـابَ قَـوْسَـيْـنِ اجْـتِـمَـاعُ الأَحِبَّةِ شَــرِبْــتُ بِــكَــاسَــاتِ الغَــرَامِ سُـلاَفَـةً بِهَـا انْـتَـعَـشَـت روحِـي وَجِسْمِي وَمُهْجَتِي وَصِـرْتُ أَنَـا السَـاقِـي لِمَنْ كَانَ حَاضِراً أُدِيـــرُ عَـــلَيــهِــمْ كَــرَّةً بَــعْــدَ كَــرَّةِ وَقَــفْــتُ بِــبَــابِ اللهِ وَحْــدِي مُــوَحِّدَاً وَنُـودِيـتُ يَـا جِـيـلاَنِـيَ ادْخُلْ لِحَضْرتِي وَنُـوديـتُ يَـا جِـيلاَنِيَ ادْخُلْ وَلا تَخفْ عُـطـيـتُ اللوا مِـنْ قَبْلِ أَهْلِ الحَقِيقَةِ ذِرَاعِــيَ مِــنْ فَــوْقِ السَّمــَواتِ كُــلَّهَــا وَمِـنْ تَـحْـتِ بَـطْنِ الحُوتِ أَمْدَدْتُ رَاحَتي وَأَعْــلَمُ نَــبْـتَ الأَرضِ كَـمْ هُـوَ نَـبْـتَـةٌ وَأَعْـــلَمُ رَمْـــلَ الأَرْضِ عَـــدَّاً لِرَمْـــلَةِ وَأَعْـــلَمُ عِـــلْمَ اللهِ أُحْــصِــي حُــروفَهُ وأَعْــلَمُ مَــوْجَ الْبَــحْــرِ عَــدَّا لِمَـوْجَـةِ وَمَـا قُـلْتُ هَـذَا القَـوْلَ فَـخْـراً وإنَّمَا أَتَـى الإِذْنُ حَـتَّى تَعْرِفُوا مِنْ حَقِيقَتي وَمَـا قُـلْتُ حَـتْـى قِيلَ لِي قُلْ وَلاَ تَخَفْ فَــأَنْــتَ وَلِيــيِّ فِــي مَــقَـامِ الْوِلاَيـةِ أَنَـا كُـنْـتُ مَـعْ نُوْحٍ أُشَاهِدُ فِي الْوَرَى بِــحَـاراً وَطُـوقَـانـاً عَـلَى كَـفِّ قُـدْرَتـي وَكُــنْــتُ وَإِبْــراهِــيــمَ مُـلْقَـىً بِـنَـارِهِ وَمَــا بَــرَّدَ النِّيــرانَ إِلاَّ بــدَعْـوَتِـي وَكُـنْـتُ مَـعَ اسْـمَعِيلَ في الذَّبْحِ شاهِدَاً وَمَـا أَنْـزَلَ المَـذْبُـوح إِلاَّ بِـفُـتْـيَـتي وَكُــنْـتُ مَـعَ يَـعْـقُـوبَ فِـي غَـشْـوِ عَـيْـنِهِ وَمَــا بَــرِئَتْ عَــيْـنَـاهُ إِلاَّ بِـتَـفْـلَتِـي وَكُـنْـتُ مَـعَ إِدْرِيـسَ لَمَّا ارْتَقَى الْعُلا وَأُسْــكِــنَ فِــي الْفِــرْدَوْسِ أَحْــسَـنَ جَـنَّةِ وَكُــنْــتُ وَمُــوسَــى فِــي مُــنَـاجَـاةِ رَبِّهِ وَمُــوسَــى عَـصَـاهُ مِـنْ عَـصَـايَ اسْـتَـمَـدَّتِ وَكُــنْــتُ مَــعَ أيِّوبَ فــي زَمَــنِ الْبَــلا وَمَــا بَــرِئَتْ بَــلْوَاهُ إلاَّ بِــدَعْــوَتِــي وَكُـنْـتُ مَـعَ عِـيـسَـى وَفِي الْمَهْدِ ناطِقَاً وَأَعْــطَــيْــتُ دَاوُداً حَــلاَوةَ نَــغْــمَـتِـي وَلِي نَــشَـأَةَ فـي الْحُـبِّ مِـنْ قَـبْـلِ آدمِ وَسِـرِّي سَـرَى فِي الْكَوْنِ مِنْ قَبْلِ نَشْأَتِي أَنَـا الذَّاكِـرُ المَـذْكُـورُ ذِكْراً لِذَاكِرٍ أَنَـا الشـاكِرُ المَشْكُورُ شُكْراً بِنِعْمَتِي أَنَـا الْعَـاشِـقُ الْمَـعْشَوقُ فِي كُلِّ مُضْمَرٍ أَنَـا السَّاـمِـعُ الْمَـسْمُوعُ فِي كُلِّ نَغْمَةِ أَنَـا الْوَاحِـدُ الْفَـرْدُ الْكَـبِيرُ بِذَاتِهِ أَنَـا الْوَاصِـفُ الْمَوْصُوفُ عِلْمُ الطَّرِيقَةِ مَــلَكْــتُ بِـلاَدَ اللَّهِ شَـرْقَـاً وَمَـغْـرِبـاً وَإِنْ شِــئْتُ أَفْــنَـيْـتُ الأَنَـامَ بِـلَحْـظَـةِ وَقَـالَوا فَـأَنْـتَ الْقُـطـبُ قُـلْتُ مُـشَـاهدُ وَنَــالٍ كِــتَــابَ اللهِ فِــي كُــلِّ سَـاعَـةِ وَنَــاظِـرُ مَـا فِـي اللَّوْحِ مِـنْ كُـلِّ آيَـةٍ وَمَــا قَـدْ رَأَيْـتُ مِـنْ شُهُـودٍ بِـمُـقْـلَتِـي فَــمْــن كَـانَ يَهْـوَانَـا يَـجِـي لِمَـحَـلِّنَـا وَيَـدْخُـلْ حِـمَـى السَّادَاتِ يَلْقَ الْغَنِيمَة فَـــلاَ عَـــالِمٌ إِلاَّ بِـــعِـــلْمِــيَ عَــالِمٌ وَلاَ سَـــالِكٌ إِلاَّ بِـــفَــرْضِــي وَسُــنَّتــِي وَلاَ جَــامِــعٌ إِلاَّ وَلِي فِــيــهِ رَكْــعَــةٌ وَلاَ مِــنْـبَـرٌ إِلاَّ وَلِي فِـيـهِ خُـطْـبَـتِـي وَلَوْلاَ رَسُــولُ اللهِ بِــالْعَهْــدِ سَـابِـقٌ لأَغْـلَقْـتُ أَبْـوَابَ الْجَـحِـيـمِ بِـعْـظـمَـتِي مُـرِيـدِي لَكَ الْبُشْرَى تَكُونُ عَلى الْوَفَا وَإِنْ كُــنْــتَ فِــي هَــمٍّ أُغِــثْــكَ بِهِـمَّتـي مُـرِيـدِي تَـمَـسَّكـْ بِـي وَكُـنْ بِـيَ وَاثِـقَـاً لأَحْـمِـيـكَ فِـي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكُــنْ يَـا مُـرِيـدِي حَـافِـظَـاً لِعُهُـودِنَـا أَكُـنْ حَـاضِـرَ الْمـيِـزَانِ يَـوْمَ الْوَقِيعَةِ وَإِنْ شَـحَّتـِ الْمـيـزَانُ كُـنْـتُ أَنَـا لَهَـا بِــعَــيْــنِ عِـنَـايَـاتٍ وَلُطْـفِ الْحَـقِـيـقَـةِ حَــوَائِجُــكُــمْ مُــقْــضِــيَّةــً غَــيْـرَ أَنَّنـِي أَرِيــدُكُــمُـو تَـمْـشُـون طُـرْقَ الْحَـمِـيـدَةِ وَأَوْصِــيــكُــمُـو كَـسْـرَ النُّفـُوسِ فـإِنَّهـا مَــرَاتِــبُ عِــزِّ عِــنْــدَ أَهْــلِ الطَّرِيـقَـةِ وَمَـــنْ حَـــدَّثَـــتْهُ نَـــفْـــسُهُ بِـــتَــكَــبُّرٍ تَــجِــدْهُ صَــغِـيـراً فـي عُـيُـونِ الأَقِـلَّةِ وَمَــنْ كَــانَ فِــي حَــالاتِهِ مُـتَـواضِـعَـاً مَـــعَ اللهِ عَـــزَّتْهُ جَــمــيــعُ الْبَــرِيَّةِ


قصيدة سقاني حبيبي

يقول عبد القادر الجيلاني:[٦]


سَقَانِي حَبِيبِي مِنْ شَرَابِ ذَوِي الْمَجْدِ فَأَسْكَرَنِي حَقّاً فَغِبْتُ عَلَى وَجْدِي وَأَجْلَسَنِي فِي قَابَ قَوْسَيْنِ سَيِّديِ عَلَى مِنْبَرِ التَّخْصِيصِ فِي حَضْرَةِ الْمَجْدِ حَضَرْتُ مَعَ الأَقْطَابِ فِي حَضْرَةِ اللِّقَا فَغِبْتُ بِهِ عَنْهُمْ وَشَاهَدْتُهُ وَحْدِي فَمَا شَرِبَ الْعُشَّاقُ إِلاَّ بَقِيَّتي وَفَضْلَهُ كَاسَاتِي بِهَا شَرِبُوا بَعْدِي وَلَوْ شَرِبُوا مَا قَدْ شَرِبْتُ وَعَايَنُوا مِنَ الْحَضْرَةِ الْعَلْيَاءِ صَافِيَ مَوْرِدِي لأَمْسَوْا سُكَارَى قَبْلَ أَنْ يَقْرَبُوا الْمُدَام وَامْسَوْا حَيَارَى مِنْ مُصَادَمِة الورْدِ أَنَا البَدْرُ فِي الدُّنْيَا وَغَيْرِي كَوَاكِبٌ وَكُلُّ فَتىً يَهْوَى فَذَلِكُمُ عَبْدي وَبَحْرِي مُحِيط بِالبِحَارِ بأَسْرِهَا وَعِلْمِي حَوَى مَا كَانَ قَبْلِي وَمَا بَعْدِي وَسِرِّي لَهُ الأَسْرَارُ تُزْجَرُ في الدُّجَا كَزَجْرِ سَحَابِ الأُفْقِ مِنْ مَلَكِ الرَّعْدِ فَيَا مَادِحِي قُلْ مَا تَشَاءُ وَلاَ تَخَفْ لَكَ الأَمْنُ فِي الدُّنْيَا لَكَ الأَمْنُ فِي غَدِ فإِنْ شِئْتَ أَنْ تَحْظَى بِعِزِّ وَقُرْبَةٍ فَدَاوِمْ عَلى حُبِّي وَحَافِظْ عَلى عَهدِي



وللتعرف إلى قصائد لشعراء آخرين: قصائد تميم البرغوثي، قصائد صلاح عبد الصبور.


المراجع

  1. "عبد القادر الجيلاني"، المكتبة ، اطّلع عليه بتاريخ 9-1-2021. بتصرّف.
  2. علي محمد الصلابي، العالم الكبير عبد القادر الجيلاني، صفحة 13-30.
  3. عبد القادر الجيلاني، ديوان عبد القادر الجيلاني، صفحة 125-139.
  4. عبد القادر الجيلاني، ديوان عبد القادر الجيلاني، صفحة 77-81.
  5. عبد القادر الجيلاني، ديوان عبد القادر الجيلاني، صفحة 83-101.
  6. عبد القادر الجيلاني، ديوان عبد القادر الجيلاني، صفحة 121-124.