يُعرَف العصر الأمويُّ بالعصر الذي بدأت به خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة 41 هـ، وذلك بعد أنْ تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما عن الخلافة لمعاوية، وينتهي بمقتل آخر خليفة من بني أمية وهو مروان بن محمد سنة 132 هـ، تلك الفترة ازدهرت فيها الثقافة، والعلوم، واللغة، والأدب، ونشطت حركة الشعر وفنونه في هذا العصر؛ إذ اتسعت سوقه لِمَا كان من اهتمام الخلفاءِ للشعر والشّعراء، فكانوا يغدقون عليهم من العطايا والجزايا لقاء شعرهم، كما شاعت طوائف شتّى منهم: الشيعة، والخوارج، والزّبيريين، ممّا ساعد على نشاط الحركة الفكرية، والتّعليميّة، والأدبيّة وبخاصّة الشّعريّة؛ فبرز لكلّ طائفةٍ شعرائها، وخطبائها الّذين يدافعون عنها، ويهجون أعدائها، وشاعت أغراض الشّعر متأثرةً بأغراض الشّعر الجاهلي؛ كالمدح، والهجاء، والرّثاء، والوصف، والغزل، كما شاعت أغراض مستحدثة كالشّعر السّياسي، والغزل العذري، ووصف المدن، ووصف الطّبيعة.[١]


خصائص الشّعر الأموي

تميز الشعر الأموي بالعديد من الخصائص، وهي كالآتي:


الجمع بين المعاني الجاهلية والإسلامية.[٢][٣]

فعناصر الثقافة في ذلك العصر هي امتداد للعصر الجاهلي، وجمع بينها عناصر إسلاميّة لذلك كان شعرهم متأثًرا بالجاهلية، وأغراض الهجاء، والفخر، والمدح.[٤]


التّوسع في المعاني الإسلامية

من شرحٍ للعقيدة الإسلامية، وتوضيح طريقة الدعوة، والتفاني في سبيل العقيدة، والدعوة للجهاد.[٤]


التّوسع في الأغراض التقليدية وتأثر موضوعات الشّعر الأموي بالإسلام لفظًا ومعنىً

فقد تغلغل الإسلام في نفوس الشعراء كما تغلغل في شعرهم، وكانوا يتحدّثون في شعرهم عن الدّين والإسلام، وشاعت المواعظ والحكم، كما شاع الزهد بينهم، وشاع تأثّرهم بالألفاظ الإسلاميّة بمختلف الأغراض الشّعرية، فالغزل أصيب بتأثير الإسلام فشاع فيما عُرف بالغزل العذري العفيف، الّذي أعطى للمرأة وقارها وجلالها، فأصبح غزلهم يمتاز بالعفة والصّفاء والبراءة والنّقاء، يسمو بقدسيةٍ وطهرٍ، وبألفاظ وتعابير إسلامية تمتزج بمعاني الحب، ومنه ما قاله جميل بثينة يشكو إلى الله ألم حبّه، ويطلب من الله أن يلهم بثينة الحب فهو الواهب والمانع لهذا الحب وهذه المودة:[٥][٤]


إِلى اللَهِ أَشكو لا إِلى الناسِ حُبَّها وَلا بُدَّ مِن شَكوى حَبيبٍ يُرَوَّعُ أَلا تَتَّقينَ اللَهَ فيمَن قَتَلتِهِ فَأَمسى إِلَيكُم خاشِعاً يَتَضَرَّعُ فَيا رَبِّ حَبِّبني إِلَيها وَأَعطِني المَوَدَّةَ مِنها أَنتَ تُعطي وَتَمنَعُ



أمّا المديح الذي خصّ به الشعراءُ الولاةَ والخلفاء فكان من الأغراض الشعريّة التي تأثرت بالإسلام تأثرًا واضحًا فنرى جوانب المديح تصور الإيمان والفضيلة الدّينية، وتلقي بظلالها على تقوى الخليفة، وصفاته الدينية، ومنه ما قاله كُثيّر عزة في عمر بن العزيز ذلك الخليفة الأموي العادل الّذي عُدَّ مثالًا للتقوى:[٦]


وَصَدَّقتَ بِالفِعلِ المَقالَ مَعَ الَّذي أَتَيتَ فَأَمسى راضِياً كُلُّ مُسلِمِ وَقَد لَبِسَت لُبسَ الهَلوكِ ثِيابَها تَراءى لَكَ الدُنيا بِكَفٍّ وَمِعصَمِ وَتومِضُ أَحياناً بِعَينٍ مَريضَةٍ وَتَبسِمُ عَن مِثلِ الجُمانِ المُنَظَّمِ



والهجاء كان متأثًرا بالعصبية، وعلى تأثّر المديح بالإسلام سار الهجاء متأثرًا بالإسلام وعلى هذا النّحو، فكانت كلّ طائفة تهجو الأخرى بانحراف الدّين، وانتهاك الحرمات، والكفر والشّرك، كقول الكميت: [٧]


لَهُم كُلَّ عَامٍ بِدعَةٌ يُحدِثُونَها أزَلَّوا بها أتبَاعَهم ثم أوحَلُوا كَمَا ابتَدَعَ الرُّهبَان ما لَم يَجِيء بِهِ كِتَابٌ ولا وَحيٌ من الله مُنزَلُ تَحِلُّ دِماءُ المسلمينَ لَدَيهُم وَيَحرُمُ طَلعُ النَّخلةَِ المُتَهَدِّلُ



أمّا شعر الحماسة فكان أكثر تأثرًا بالإسلام من شعر المديح والهجاء، فمعظمه يدور في محور الفتوحات والجهاد، واستنهاض الهمم للقتال، حتّى تحولت الحماسة إلى مواعظ وحكم، وهذا ما نراه عند نصر بن سيّار في قوله داعيًا النّاس إلى القتال والجهاد:[٨]


دع عنك دنيا واهلاً أنت تاركهم ما خير دنيا وأهل لا يدومونا وأكثر تقى اللّه في الأسرار مجتهدًا إن التقى خيره ما كان مكنونا واعلم بأنك بالأعمال مرتهن فكن لذاك كثير الهمّ محزونا فامنح جهادك من لم يرج آخرة وكن عدوّا بقوم لا يصلونا فاقتلهم غضبًا للّه منتصرا منهم به ودع المرتاب مفتونا



وتمتلئ المراثي أيضًا بهذه الرّوح الدّينية، والتّسليم لأمر الله ، فالموت حق لا بدّ منه، وكلُّ نفس ذائقة الموت، ومالهم من سبيل إلّا أن يتذرعوا الصّبر على مصابهم، ومنه قول جرير في عمر بن عبد العزيز:[٩]


حُمِّلتَ أَمرًا عَظيمًا فَاِصطَبَرتَ لَهُ وَقُمتَ فيهِ بِأَمرِ اللَهِ يا عُمَرا



التّنوع في قوة الأسلوب

ما بين الأسلوب القوي الّذي يمثله كبار الشّعراء كالفرزدق، وجرير، وذي الرّمّة خاصّة في غرضي المدح والهجاء، وأسلوب سهل رقيق نجده عند شعراء الغزل كجميل بثينة، وكثيّر عزّة، وعمر بن أبي ربيعة، وأسلوب ثالث بين القوّة والسّهولة كمعظم شعر الفتوح، وشعر الخوارج.[٤]


ظهور معان وأغراض جديدة

كالجدل السّياسي والدّينيّ عند شعراء الفرق والطّوائف المختلفة، ووجود المعارضات والنّقائض التّي عُدّت تطورًا لغرض الهجاء.[٤]


التّنوع الواسع في المعاني ودقتها، والأخذ من ثقافات الشعوب والأمم المختلفة.[٤]

كان التّمازج الحضاري نتيجة كثرة الفتوحات الإسلاميّة في العراق، وإيران، وخراسان، والشّام، ومصر، والمغرب، وصولًا إلى جبل طارق غربًا، ومشارف الهند شرقًا، فقد اختلط العرب مع الأمم الأجنبية، كما امتزجوا مع الموالي، والفرس؛ ممّا أثر في ألفاظهم وعلى لغتهم، فشاع اللحن بينهم، وشاعت في لغتهم الألفاظ غير العربية، فهذا جرير في إحدى أهاجيه للفرزدق قد استخدم بعض الكلمات الفارسيّة؛ كالرّوذق: وتعني الحمل المنتوف بعد سلقه، والبيذق المعروفة في لعبة الشطرنج للدّلالة على شيءٍ تافه [١٠]:


لا خير في غضب الفرزدق بعدما سلخوا عجانك سلخ جلد الروذق سبعون والوصفاء مهر بناتنا إذ مهر جعثن مثل حر البيذق



ظهور شعراء من أصولٍ غير عربية

وهم شعراء من أصول غير عربيّة، كانوا يفتخرون بأصولهم وأممهم ويفضلونها على العرب، فيما عُرف بالشّعر الشّعوبي، ومن شعراء هذا اللّون إسماعيل بن يسار.[٤]


تأثير البيئة في الشّعر

فمنه أنّ بيئة العراق تزخر بالصّراعات السّياسيّة والدّينية في ذلك العصر، وبيئة الحجاز تميزت برفاهية العيش، ويختلف مركز الخلافة الأمويّة في الشّام عن غيره، بينما لم تتغيّر كثيرًا بيئة نجد.[٤]


أهم شعراء العصر الأموي

شعراء المديح ومنهم:

  • نُصَيْب شاعر حجازي نوبي الأبوين.[١١]
  • القطامي، لقَبٌ غلب على عُمير بن شُيَيم التّغلبي.[١٢]
  • كعب بن معدان الأشقري الأزدي، من شعراء خراسان.[١٣]
  • زياد الأعجم مولى لقبيلة عبد قيس.[١٤]


شعراء الهجاء ومنهم:

  • ابن مفرغ وهو يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري، نشأ بالبصرة.[١٥]
  • الحكم بن عبدل من بني أسد، نشأ بالكوفة.[١٦]
  • ثابت قُطنة، هو ثابت بن كعب من بني العتيك الأزديين.[١٧]


شعراء النّقائض وأشهرهم:

  • الأخطل من قبيلة تغلب.[١٨]
  • الفرزدق شاعر تميمي.[١٩]
  • جرير شاعر تميمي من عشيرة كُليب اليربوعيّة.[٢٠]


شعراء السياسة:

  • من شعراء الزّبيريين، ابن قيس الرّقيّات، هو عبيد الله القريشيّ من بني عامر بن لؤي.[٢١]
  • من شعراء الخوارج عمران بن حطّان، وهو بصريّ سدوسي من شيبان، والطرماح شاعر طائيٌ نشأ في الشّام.[٢٢]
  • من شعراء الشّيعة كثيّر عزّة، وهو كثيّر بن عبد الرحمن بن أبي جمعة شاعر حجازيّ من خزاعة، والكُميْت، وهو الكميت بن زيد الأسدي ولد في الكوفة.[٢٣]
  • من شعراء ثورة ابن الأشعث أعشى همدان، وهو عبد الرّحمن بن عبد الله الهمداني القحطاني نشأ بالكوفة.[٢٤]
  • من شعراء بني أمية عبد الله بن الزّبير، كوفي المنزل، والمنشأ من بني أسد، وعدي بن الرّقاع من عاملة إحدى قبائل قُضاعة كان منزله في دمشق.[٢٥]


شعراء الغزل الصّريح، ومنهم:

  • عمر بن أبي ربيعة قريشي من بني مخزوم.[٢٦]
  • الأحوص أوسي، من أنصار المدينة، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ثابت.[٢٧]
  • العرّجي هو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان من أهل مكّة.[٢٨]


شعراء الغزل العذري ومنهم:

  • قيس بن ذريح من قبيلة كنانة.[٢٩]
  • جميل بن مَعْمَر، نشأ في منازل عُذرة بوادي القرى.[٣٠]


شعراء الزّهد ومنهم:

  • أبو الأسود الدؤلي واسمه ظالم بن عمرو من بني كنانة.[٣١]
  • سابق البربري وهو قاضي الرّقة بالموصل وإمام مسجدها.[٣٢]


شعراء اللهو والمجون ومنهم:

  • الوليد بن يزيد بن عبد الملك.[٣٣]
  • أبو الهندي، هو غالب بن عبد القدوس بن شبث بن ربعيّ الرّياحي التميمي.[٣٤]


شعراء الطبيعة ومن أشهرهم:

  • ذو الرّمة، وهو غيلان بن عقبة من بني عدي بن عبد مناة.[٣٥]


الشعراء الرّجاز ومن أشهرهم:

  • أبو النّجم العجلي من أهل الكوفة.[٣٦]
  • العجَّاج، هو عبد الله بن رؤبة التّميمي نشأ في البادية ونزل البصرة.[٣٧]
  • رؤبة ابن العجّاج وسماه أبوه باسم جدّه.[٣٨]

المراجع

  1. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الأدب العربي وتاريخه، صفحة 120. بتصرّف.
  2. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، صفحة 384.
  3. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 237.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الأدب العربي وتاريخه، صفحة 128. بتصرّف.
  5. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، القاهرة مصر:المعارف، صفحة 176-177. بتصرّف.
  6. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، صفحة 178. بتصرّف.
  7. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، صفحة 179.
  8. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، القاهرة مصر:المعارف، صفحة 180.
  9. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 181.
  10. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، القاهرة:المعارف، صفحة 169-172. بتصرّف.
  11. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 223.
  12. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 224.
  13. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 226.
  14. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 228.
  15. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 235.
  16. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، صفحة 237.
  17. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، صفحة 239.
  18. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 258.
  19. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، صفحة 265.
  20. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 276.
  21. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 293-294.
  22. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 307-311.
  23. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 319-323.
  24. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، صفحة 332.
  25. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي (الطبعة 7)، صفحة 342-343.
  26. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 349.
  27. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصرالإسلامي، صفحة 354.
  28. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 357.
  29. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 364.
  30. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 367.
  31. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 374.
  32. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 375.
  33. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 381.
  34. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 384.
  35. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 389.
  36. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 397.
  37. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 399.
  38. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الإسلامي، صفحة 401.