قصيدة منازل أهلي

تعدّ قصيدة "منازل أهلي" إحدى قصائد الشاعر الأردني حبيب حميدان سليمان الزيودي، الذي وُلد في قرية أردنية بسيطة يُطلق عليها "العالوك"، وقد نشأ وتلقى تعليمه فيها، وكان والده نقيبًا في القوات المسلحة الأردنية، فكان حبيب يحضر معه الجلسات التي تُقام في منزله مع كبار العشيرة، مما أكسبه خبرات ثقافية ومعرفية كبيرة، كما اطلع على القصص الشعبية والشعر النبطي الذي كان يشغل مساحة من هذه الجلسات، لذا بدأ حبيب يميل إلى الأدب والشعر منذ صغره، كما كان لخاله محمد الزيودي الأثر الكبير في توجيهه نحو الشعر؛ إذ ساعده في اكتشاف هذه الموهبة وتنميتها.[١]


مناسبة قصيدة منازل أهلي

يُعبّر الشاعر حبيب الزيودي في قصيدة "منازل أهلي" عن شوقه وحنينه إلى أهله وذكرياته معهم، فاستدعى العديد من المواقف التي جمعته بهم، مُشيرًا إلى أنّ الماضي الجميل كان ملاذًا له من بؤس الحاضر.[٢]


تحليل قصيدة منازل أهلي

تم تقسيم قصيدة منازل أهلي إلى عدة مقاطع فيما يأتي شرحها وتحليلها:[٣]


شرح المقطع الأول

يتحدّث الشاعر في البداية عن ذكرياته مع عائلته؛ فكلما سمع صوت العود الرنّان تعود به مخيلته إلى ذكريات كثيرة متلاحقة معهم تشبه سربًا من طائر الحسون، وقد كانت بداية هذه الذكريات مع الأب الذي يبدو أنّ الشاعر متعلق به بشدة، ومع قهوة الصباح الممزوجة بالمحبة، فيذكر الشاعر أنّه كان يشعر بالراحة والطمأنينة عندما يسمع صوت والده وهو يُصلي ويُناجي الله تعالى، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:

كلّما دندن العود رجّعني لمنازل أهلي

ورجّع سرباً من الذكريات

تحوم مثل الحساسين حولي

أبي في المضافة

والقهوة البكر مع طلعة الفجر عابقة بالمحبّةِ

وهي على طرف النار تغلي

وصوت أبي الرحب يملأ قلبي طمأنينة

وهو يضرع لله حين يصلّي


شرح المقطع الثاني

يعود صوت العود ومعه تعود ذكريات الشاعر؛ إذ يعود بمخيّلته إلى بيته في القرية والسياج الموجود حوله، ورائحة الخبز والنافذة الني تعد من ذكريات الطفولة، كما يتحدث عن الفرحة التي تعمّ أرجاء المنزل عندما يقف والده يرحّب بالضيوف بسعادة وسرور وينشغل عن الأطفال ولعبهم، وفي المقابل يتحدث عن الذكريات بعد وفاة والده، فالفرح اختفى من حياته ولم يبقَ منه إلا الصور، حتى الأماكن حزنت لفراق الأب؛ فالممر اشتاق لصوت خطاه، والأعشاب جفّت بعد رحيله، حتى النافذة عندما تُسأل عنه تصمت ولا تُجيب وتبكي حُزنًا على فراقه، وقد صور الشاعر هذه الأشياء كلها بإنسان يحنّ ويشتاق، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:

كلّما دندن العودُ رَجّعني لمنازل أهلي

وردّ الممرّ العتيق إلى بيتنا والسياج

ورائحة الخبز مبتلة بحليب النعاج

ونافذة هي كلّ الطفولة

ونفرح، حين يكون أبي عند بوابة الدار

منشغلًا عن شقاوتنا

ويرحّب بالجار في غبطة ويهلّي

هكذا يا أبي كلّ شيء تلاشى

ولم يبق من فرح العمر إلا الصّور

الممرّ العتيق يحنّ لوقع خطاك

وقد جفّ بعدك عشب الممرّ

ونافذة كلما جئت أسألها عنك

ألفيتها لا تجيب

وتجهش قبلي


شرح المقطع الثالث

يعود صوت العود هنا مرة أخرى، ويسترجع الشاعر معه مجالس الأهل والسهر معهم في الليل، ثم ينتقل إلى وصف هيبة والده ومكانته بين أهل القرية، وقد شبه الهيبة بالشيء الذي يُفرَش، وكيف أنّ إخوته -أي أعمام الشاعر- يقفون حوله ملتّفين كالصقور التي لا تهاب أحدًا، ووجوههم نيّرة كالبدور، وقد اتسموا بالكرم والجود ومنازلهم دائمًا مفتوحة للضيوف، ويُنهي الشاعر قصيدته بالطلب من أصحابه بإطالة الوقوف على هذه المنازل التي عُمّرت جدرانها بالمحبة، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:

كلّما دندن العودُ رَجّعني لمنازل أهلي

كلّما دندن العود أيقظ فيّ تعاليلهم بعد طول رقود

وذرذرها في ضميري

وعاد أبي وهو يفرش قريتنا هيبةً

وإخوته من حواليه سرب صقور

وجوه إذا عتّم العمر طلّوا

على عتمة العمر مثل البدور

منازلهم

عند سفح الكلام مشرّعة للندى والضيوف

وقوفاً بها يا خليليّ إنّي

توجّدْتُها فأطيلا الوقوف

وقد عمروا بالمحبة جدرانها

وأضاؤوا مداخلها العاليات وعلّوا السقوف


ولقراءة تحليل المزيد من القصائد: قصيدة هذي بلادي، قصيدة سنرجع يومًا.

المراجع

  1. قاسم الدروع، شعر حبيب الزيودي: دراسة في تجربته الشعرية، صفحة 13. بتصرّف.
  2. قاسم الدروع، شعر حبيب الزيودي: دراسة في تجربته الشعرية، صفحة 82. بتصرّف.
  3. "شرح قصيدة منازل أهلي لحبيب الزيودي"، معلمو الأردن. بتصرّف.