قصيدة اعتذار للنابغة

تعدّ قصيدة اعتذار المعنونة بـ "أي الرجال المهذب" إحدى القصائد التي نظمها أحد شعراء الجاهلية الأعلام النابغة الذبياني، وهو زياد بن معاوية بن ضباب بن ذبيان، ينتمي إلى قبيلة ذبيان التي تنتسب إلى غطفان القيسية، وهي قبيلة عُرفت بكثرة فرسانها وشدة بأسها في الجاهلية والإسلام، وقد وُصِف النابغة بأنه جَزِل الكلام حسن الابتداء والمقطع، فعُدّ من شعراء الطبقة الأولى، وفُتحت له أبواب الملوك والسلاطين، كان أولها باب ملك الحيرة النعمان بن المنذر، إذ بلغ عنده النابغة منزلة عظيمة.[١]


مناسبة قصيدة اعتذار للنابغة

نظم الشاعر النابغة الذبياني قصيدته هذه معتذرًا من ملك الحيرة النعمان بن المنذر ومادحًا إياه.[٢]


تحليل قصيدة اعتذار للنابغة

يستهلّ الشاعر قصيدته بتوجيه الخطاب للنعمان بن المنذر ويقول له بلغني -صانك الله من كل عيب- أنك تلومني وغاضب مني، وهذا ما جعلني في حُزن وقلق ومرض، ثم يحلف له حلفًا ليس فيه سبيل إلى الشكّ فليس بعد يمين الله طريقة ليُبرئ نفسه مما نُسب إليه، وإذا كان الواشون قد سعوا بالفساد وأخبروا النعمان بأنّ الشاعر -أي النابغة- خائن فالواشي هو الفاسق الكذاب.[٣][٢]


ويبدأ الشاعر بعد ذلك بالدفاع عن نفسه بأنه شخص له من الأرض متّسع يغدو فيه ويروح، وله فيها ملوك وإخوان في نفوسهم له منزلة ومكانة ويُقرّبونه من مجالسهم، وفعلهم هذا معه كصنيع النعمان مع أي قوم فقدموا له الشكر، فيسأل الشاعر النعمان هل يراهم في عملهم هذا مُخطئين، وبذلك يُبرئ نفسه بأنه عندما شكر هؤلاء الملوك على صنيعهم معه لم يكن مُخطئًا، فيطلب من النعمان ألا يتركه حتى لا يصبح كالبعير التي تُطلى بالقطران عندما تُصاب بالجرب، فيفرّ منها الجميع.[٣][٢]


ثم ينتقل الشاعر إلى ذكر مكانة النعمان بن المنذر، فقد أعطاه الله منزلة تميز بها عمن سواه من الملوك، فقد شبّهه بين الملوك بالشمس التي تدور في فلكها الكواكب الصغيرة؛ فإذا ظهرت الشمس توارت الكواكب، وكذلك النعمان إذا أطلّ سقطت أنوار الملوك الآخرين وتلاشت منازلهم، ليستدعي بعد ذلك حكمة مفادها أنه لا يوجد في الدنيا شخص دون عيوب، فإذا لم تقبل صداقة الصديق على ما به من عيب فلن تجد صديقًا ولا أخًا، ويختتم الشاعر قصيدته بقوله للنعمان إن كنت ظلمتني بحكمك عليّ فأنا كذلك ومثلك من يعفو ويصفح، وفيما يأتي نص القصيدة:[٣][٢]


أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني وَتِلكَ الَّتي أُهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ فَبِتُّ كَأَنَّ العائِداتِ فَرَشنَني هَراساً بِهِ يُعلى فِراشي وَيُقشَبُ حَلَفتُ فَلَم أَترُك لِنَفسِكَ رَيبَةً وَلَيسَ وَراءَ اللَهِ لِلمَرءِ مَذهَبُ لَئِن كُنتَ قَد بُلِّغتَ عَنّي خِيانَةً لَمُبلِغُكَ الواشي أَغَشُّ وَأَكذَبُ وَلَكِنَّني كُنتُ اِمرَأً لِيَ جانِبٌ مِنَ الأَرضِ فيهِ مُستَرادٌ وَمَذهَبُ مُلوكٌ وَإِخوانٌ إِذا ما أَتَيتُهُم أُحَكَّمُ في أَموالِهِم وَأُقَرَّبُ كَفِعلِكَ في قَومٍ أَراكَ اِصطَنَعتَهُم فَلَم تَرَهُم في شُكرِ ذَلِكَ أَذنَبوا فَلا تَترُكَنّي بِالوَعيدِ كَأَنَّني إِلى الناسِ مَطلِيٌّ بِهِ القارُ أَجرَبُ أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخاً لا تَلُمَّهُ عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ فَإِن أَكُ مَظلوماً فَعَبدٌ ظَلَمتَهُ وَإِن تَكُ ذا عُتبى فَمِثلُكَ يُعتِبُ


المراجع

  1. عواد الشمري، الشاهد النحوي في ديوان النابغة الذبياني، صفحة 14. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث عباس عبد الستار، ديوان النابغة الذبياني، صفحة 27. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "شرح قصيدة اعتذار للنابغة"، مدونة سلطنة عمان التعليمية. بتصرّف.