قصيدة أوراق الخريف

قصيدة أوراق الخريف هي قصيدة نظمها أحد شعراء المهجر، وهو الشاعر اللبناني ميخائيل نُعيمة، وُلِد في إحدى القُرى اللبنانية عام 1889م، وعاش طفولة من الفقر والمعاناة، فنمّى فيه ذلك حسّ التمرّد، فلم يستسلم وتحمّل المسؤولية منذ صغره، وبعد إنهاء تعليمه الثانوي حصل على منحة للدراسة في روسيا، وبالفعل انتقل إلى هناك وبدأ بالاطلاع على المؤلفات الأدبية والنقدية الروسية، الأمر الذي ساهم في تكوين رؤيته الفكرية وصقل شخصيته الأدبية، ويُذكر أنّ ميخائيل نُعيمة عُرِف بحبّه للطبيعة والتغنّي بها، وقد ظهر ذلك في أشعاره بصورة بارزة.[١]


مناسبة قصيدة أوراق الخريف

استعان الشاعر ميخائيل نُعيمة في قصيدته "أوراق الخريف" بالطبيعة للتعبير عن حيرته في الحياة، والثورة التي تتقد في داخله، محاولًا من خلال ذلك الكشف عن معنى الحياة ودوره فيعا.[٢]


تحليل قصيدة أوراق الخريف

تم تقسيم القصيدة إلى عدّة مقاطع فيما يأتي تحليلها وشرحها:


شرح المقطع الأول

يفتتح الشاعر قصيدته بمخاطبة أوراق الخريف ويصفها بأحلى الأوصاف؛ إذ إنها مُتعة العين ومصدر للفرح والسعادة، وتنعكس عليها أشعة الشمس فتبدو وكأنها تتراقص بين هذه الأوراق، كما أنّ ضوء القمر المنعكس عليها يبدو وكأنه يتأرجح، ويستكمل الشاعر وصف أوراق الخريف بأنها كالآلة الموسيقية التي تُطرب السامعين في وقت الليل ووقت السَّحَر، لكنّ في النهاية يُشير إلى أنّها دليل على الحيرة والقلق والروح الثائرة، وقد ملّ الشجر منها فأسقطها عنه وجعلها متناثرة على الأرض، ولعل في ذلك تجسيد لحالة الحيرة التي تتملّك الشاعر في حياته وتُنغّص عليه أوقات فرحه، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:[٣]


تناثري تناثري يا بهجة النظر يا مرقصَ الشّمس ويا أرجوحة القمرْ يا أرغن الليل ويا قيثارة السـحر يا رمز فكر حائر ورسم روح ثائر يا ذكرَ مجدٍ غابرٍ قد عافكِ الشّجر


تناثري تناثري


شرح المقطع الثاني

يُجسّد الشاعر في هذا المقطع أوراق الخريف ويطلب منها أن تودّع ماضيها الذي لن يعود أبدًا، وأن تودّع ذكرياتها الجميلة السابقة وأصدقاءها، فلا بدّ من أن تنسى ما سبق وتعيش وقتها الحاضر بما فيه، وفي ذلك دعوة للإنسان لاستغلال اللحظات التي يعيشها في الحياة حتى لا تذهب سُدىً وهباء، فالأمل موجود دائمًا، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:[٣]


تعانَقي وعانِقي أشــباح ما مضى وزوِّدي أنــظارَك من طلعةِ الفضا هيهات أم هيهات أنْ يُعود ما انقضى وبعد أن تفارقي أتراب عهد ســابق سيري بقلب خافق في موكب القضا


تعانَقي تعانَقي


شرح المقطع الثالث

يستمرّ الشاعر بمخاطبة أوراق الخريف، ويُخبرها أن اللوم والعتاب لا فائدة منه، فلن تأخذ الجواب الشافي من أحد لأي فعل يفعله معها، وفي ذلك دعوة مبطّنة للإنسان بأن يستمرّ في حياته ولا يُضيعها في اللوم، فكلّ شخص لديه همومه التي ينشغل بها عن غيره، والدهر دائمًا ما يأتي بالعجائب والمصائب الكبيرة دون أن يكترث لرغباتنا ودون أن يفهم كلماتنا، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:[٣]


سيري ولا تُعاتبي لا ينفعُ العتــابْ ولا تلومي الغُصن والرياح والسَّحابْ فهي إذا خاطبتِها لا تُحسنُ الجوابْ والدهر ذو العجائب وباعث النوائب وخانق الرغائب لايفهم الخطاب


سيري ولا تُعاتبي


شرح المقطع الرابع

في النهاية يطلب الشاعر من أوراق الخريف أن تعود إلى التراب حيث تنتمي، والماضي لا بدّ من نسيانه فلن يعود، فكلّ الورود والأزهار التي أزهرت في السابق وكانت جميلة ذبلت في النهاية عندما انتهى عمرها، وهذه هي سنّة الحياة والطبيعة التي تسير بها، وفي ذلك دعوة للإنسان بأن يتقبل الحقيقة والواقع؛ فأيّام الصبا لن تعود والإنسان مصيره في النهاية إلى التراب، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:[٣]


عودي إلى حضن الثّرى وجدِّدي العُهودْ وانسَيْ جمالاً قد ذوى ما كان لن يعُودْ كم أزهرتْ من قبلكِ وكم ذَوَتْ ورُودْ فلا تخافي ما جرى ولا تلومي القدرا


عُودي إلى حضن الثّرى


ولقراءة تحليل المزيد من قصائد ميخائيل نعيمة: قصيدة النهر المتجمد.

المراجع

  1. فاطمة الزهراء محفوظ، سمية كرنان، الصورة في ديوان همس الجفون ليمخائيل نعيمة، صفحة 46. بتصرّف.
  2. " أضواء على أدَب وفِكر ميخائيل نعيمة"، المركز التربوي للبحوث والإنماء. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث أحمد زبير، مختارات من الشعر العربي الحديث، صفحة 34. بتصرّف.