بدر شاكر السياب

بدر شاكر عبد الجبار السياب، هو شاعر الرافدين، ورائد الشعر العربي الحديث، والسياب شاعر عراقي من البصرة، خريج دار المعلمين في بغداد عام 1948، وقد درس في قسم اللغة الإنجليزية، ثم اشتغل مدرسًا في مدرسة رمادى الثانوية لكنه ما لبث أن غادرها بعد الثورة التي ثارها الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني، وبعد معاناة طويلة نجح السياب بالعودة إلى العراق ليعود مدرِّسًا في إعدادية الأعظمية، لكنه لم يمكث طويلًا في التدريس بسبب الأوضاع السياسية أيضًا، وقد توفي عام 1964 إثر مرض أصابه. [١]


مولد بدر شاكر السياب

ولد بدر شاكر السياب عام 1926، في قرية "جيكور" الواقعة جنوب شرق "أبي الخصيب"، التي تعود إلى محافظة "البصرة" العراقية، والده "شاكر عبد الجبار السياب"، وهو ابن أكبر ملاك غابات النخيل في "أبي الخصيب"، كان "شاكر"؛ بعد اجتيازه تعليمه الابتدائي، مقبلًا على العمل مع والده في النخيل والفلاحة، الأمر الذي دفع والده إلى أن يزوجه، فتزوج ابنة عمه لتجنب له بدرًا، وعبد الله، ومصطفى، الذين فرح بهم والدهم كثيرًا؛ متأملًا مساعدتهم في أمور النخيل، ولكن بدرًا اختار طريق الشعر، إضافة إلى تحصيله الدبلوم، أما عبد الله فقد حصل على شهادة الدكتوراه في الجيولوجيا، ومصطفى أصبح موظفًا حكوميًّا بعد أن حصل على درجة البكالوريوس في الإدارة التجارية.[٢]


لا يمكن الحديث عن طفولة بدر شاكر السياب دون التطرق إلى فقده أمه عام 1932، فقد توفيت وهو ابن ست سنوات، الأمر الذي جعله يهيم حزنًا وكآبة، وفي الفترة نفسها اضطر السياب للذهاب إلى مدرسته الواقعة في قرية "باب سليمان" غرب "جيكور"، تبعتها مدرسة "المحمودية" في "أبي الخصيب"، ليكمل تعليمه الابتدائي، ويبدأ رحلته في نظم القصائد. [٢]


ثقافة بدر شاكر السياب وعلمه

في مدرسة البصرة الثانوية والتي التحق بها عام 1942، ومع أحداث الحرب العالمية الثانية، أدرك بدر، أن قدره ومرساه هو الشعر، وذلك مع مباريات الشعر التي تنظمها مدرسته، وأصبحت دراسة الشعراء والانشغال بهم ومنافسة أصدقائه في ذلك شغله الشاغل، أما عن صديقه "خالد الشواف"؛ فحتى بعد انتقاله من مدرسته، ظل يراسل بدرًا بالشعر والقوافي، ومن ذلك أن خالد كان ينقد ما يجيء به بدر من قوافي، الأمر الذي دفع بدرًا لبناء القصائد على القوافي الواحدة، كما تأثر السياب في شعره بأستاذه "محمود يوسف" الذي كان معلم اللغة العربية في مدرسته في البصرة، وقد كان ورعًا صاحب تقوى جلية، إذ ظهرت هذه اللمحة الدينية في موضوعات السياب. [٣]


في مطلع عام 1943، انتقل السياب إلى دار المعلمين في بغداد، ليلتقي هناك بصديقه خالد الذي قاده نحو مجتمع من الأدباء والحركة الأدبية الظاهرة، الأمر الذي دعا السياب إلى محاولة البحث عن طريقة للتفرد في المنافسة بينهم، وإن دراسته الأدب الإنجليزي، وانضمامه إلى الحزب الشيوعي العراقي، كانتا بداية الطريق لظهور نجم السياب، فلقد كان فلاحًا في الأصل، يرفض المدينة واضطهادها له بتحويل كل من فيها إلى عبد، لذلك كانت الشيوعية هي دليل رفضه، واللغة الغربية وثقافتها محور دراسته، وهنا ظهرت وتجلت الحداثة في شعره، ولكن وفاءه لتراثه منعه من الكتابة بالعامية، حتى إنه لم يكتب النثر أبدًا، أما عن شيوعيته؛ فقد نشر له في جريدة الحرية عام 1959؛ مقالات حول الشيوعية بشكل 29 حلقة، تحت عنوان كنت شيوعيًا. [٤][٥][٣][٦]


منهج وأسلوب بدر شاكر السياب

نَهَجَ السياب في أناشيده وكتاباته الرموز والدلالات والأساطير، متأثرًا في بادئ الأمر بالتراث الأجنبي، بالأخص "إليوت"، وهو ما ظهر في قصيدته "الموسيقى العمياء"، مما عرضه لنقد البعض بأنه شعر دخيل وبسيط، وما هو إلا إدخال للحكمة وثرثرة بلا داعي، ورآه البعض الآخر من مثل جليل كمال الدين بأنه من أروع الشعر الذي خلفه السياب، ولا بد من وضعه في التراث العالمي، وهو ما يقود القارئ في أعماله إلى أسطورة أخرى وضعها السياب في شعره وهي فكرة البعث، فبعد التأثر الأجنبي الواضح، كان لا بد من الرجوع إلى الشرق والقارئ العربي، ومن الأمثلة على ذلك هنا قصيدة مدينة بلا مطر. [٧]


نالت الأساطير ما نالته من مكانة في شعر السياب، ولكنه قرر الاعتماد أيضًا على الرموز، وإحالتها إلى ما هو مناسب ليدل عليها، وبذلك يمكن الخلاص والقول بأن السياب قد نقل الحداثة وصورها بتحويل الأنماط الغربية والأجنبية إلى أداء عربي أصيل، يشوبه أو لا يشوبه شيء من الدين، فقد عمد إلى فصل الحداثة عن الدين في أكثر من عمل، ومن أهم الأمثلة على ذلك، قصيدة "مدينة السندباد". [٧]


كما يمكن تقسيم منهج السياب إلى ما كان هو في ماضيه، أي بدر الرومنسي، خصوصًا مع افتقاده لأمه وزواج والده بغيرها، ووفاة جدته، ومحاولاته البائسة في الحب، ليظهر ذلك في كتاباته وشعره، ثم بدر الواقعي؛ وذلك عندما أصبح شيوعيًّا، الأمر الذي أثر على نظرته إلى الآلام والفجائع ليعدها أمرًا مشتركًا بين سائر البشر، ويمكن أخذ قصيدة "فجر السلام" كمثال على ذلك، وبدر التموزي هو المرحلة التالية؛ وذلك يعني القومية العربية، وقد تجلى هذا الاتجاه القومي السياسي في قصيدة "المغرب العربي"، ليعود في آخر أيامه إلى ذاته، خصوصًا مع شبح الموت الذي بات هاجسه مع المرض، فيقول معبرًا عن حاله:" أهكذا السنون تذهب، أهكذا الحياة تنضب، أحس أني أذوب..أتعب، أموت كالشجر". [٤]


أهم مؤلفات بدر شاكر السياب

من أهم وأشهر كتابات الشاعر بدر شاكر السياب: [١]

  • أساطير: وهو ديوان شعر يضم العديد من القصائد الشعرية الرومنسية، وقد صدر عام 1950، وفيه يستخدم الشاعر الأسلوب القصصي.
  • أنشودة المطر: وهو ديوان شعري صدر عام 1960، ويعد من أشهر دواوين الشاعر، ويضم هذا الديوان 32 قصيدة هي ما جعلته رائد الشعر العربي الحديث.


وفاة بدر شاكر السياب

توفي بدر شاكر السياب في 24 ديسمبر عام 1964، وذلك بعد مرض عضال ألم به عام 1960، والذي حكم عليه بالشلل الكامل، لينتقل إلى جوار ربه في مستشفى الأميري في الكويت، بعد طلبه للمعالجة في كل من بغداد ولندن وباريس وروما، وبذلك نقل جثمانه إلى البصرة ليوارى الثرى في مقبرة الحسن البصري، ومن الجدير بالذكر عن سيرة بدر أنه تزوج عام 1955 من السيدة "إقبال عبد الجليل"، والتي أنجبت له غيداء، وغيلان ثم آلاء.[٦][١]


ولقراءة معلومات عن غيره من الشعراء: أبو القاسم الشابي، إيليا أبو ماضي.

المراجع

  1. ^ أ ب ت أحمد صالح محمود عبد ربه، شاعر الرافدين بدر شاكر السياب، صفحة 12 113 114.
  2. ^ أ ب عيسى بلاطه، بدر شاكر السياب حياته وشعره، صفحة 19 20 21. بتصرّف.
  3. ^ أ ب الدكتور إحسان عباس، بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره، صفحة 28-38.
  4. ^ أ ب ناجي علوش (2008)، الأعمال الشعرية الكاملة بدر شاكر السياب (الطبعة 4)، بغداد:دار الحرية للطباعة والنشر بغداد، صفحة 6-26 253.
  5. بدر شاكر السياب، كنت شيوعيًا، صفحة 5.
  6. ^ أ ب ابتسام قعيد، خولة بوعافية، الالتزام في شعر بدر شاكر السياب، صفحة 18.
  7. ^ أ ب ميساء زهدي الخواجا، تلقي النقد العربي الحديث للأسطورة في شعر بدر شاكر السياب، صفحة 107 -115.