ابن زريق البغدادي

هو أبو الحسن علي أبو عبدالله بن زريق البغدادي، يكنى بأبي الحسن، شاعر وكاتب بغدادي من العصر العباسي، وهو صاحب القصيدة المشهورة "لا تعذليه"، والتي أُطلِق عليها عدة أسماءٍ بعدما وُجِدت عند رأسه وهو متوفى بجانبها، فسميت بفراقية ابن زريق، ويتيمة ابن زريق، بالإضافة إلى عينية ابن زريق، وهذه الأسماء الثلاثة بسبب اشتمالها عليها جميعًا، ففيها الفراق، وقافيتها العين، وهي يتيمة لعدم وجود قصيدة غيرها للبغدادي، ويقول في مطلعها: لا تعذليه فإن العذل يولعه، قد قلت حقًا ولكن ليس يسمعه.[١][٢]


مولد ابن زريق البغدادي

لم يتم تحديد مكان مولد ابن زريق، لكن يرجع أن يكون في بغداد، والتي قد انتقل منها إلى الأندلس طلبًا للمال، حيث أنه كان شديد الفقر، وقد هام في حبّ فتاةٍ أرادها للزواج، فقرر المضي ليمدح أبو عبد الرحمن الأندلسي في الأندلس، فأراد أبو عبد الرحمن أن يختبره في تعففه فأعطاه القليل من المال جزاء مدحه، فعاد ابن زريق إلى مسكنه في الأندلس، وهو مكسور الخاطر، مملوء بالندم على تركه لمحبوبته في بغداد، لقاء هذا المبلغ الزهيد، فكتب قصيدته الشهيرة "لا تعذليه"، وعند ذلك تنبه أبو عبد الرحمن لعفته وبأنه جاء في غايةٍ نبيلةٍ، فأرسل للبحث عنه، ولكن المنية باغتته فوجدوه ميتًا، وعلى مقربةٍ من رأسه رقعة كتبت فيه قصيدته الشهيرة.[٣][٤]


ثقافة ابن زريق البغدادي

الواضح والجلي بأنّ ابن زريقٍ البغدادي شاعرٌ متمكن، على الرغم من عدم وجود قصائد أخرى له سوى فراقيته، إلا أنها دليل على علمه وثقافته في منابع الشعر وفنونه، حتى أن البعض قد أنكر وجوده أو أنكروا نسب القصيدة إليه،.[٣]


أسلوب ومنهج ابن زريق البغدادي

اشتملت يتيمة ابن زريق "لا تعذليه" على موضوعاتٍ عدة من العتاب، إلى الغزل، من ثم الشكوى، ولكنها في مجملها كانت في غرض الشكوى، والذي عبر عنه بأسلوبه الصادق، معبرًا عن حقيقة انفعالاته، وما يعتريه من ألمٍ وحزنٍ، وفي تفصيل الأسلوب الخاص في هذه القصيدة، نجد بأنّ شاعرها برع في استهلالها، حتى يهيئ لقارئها إمكانية غنائها، وذلك من تأثير الموسيقى الداخلية التي اجتهد الشاعر في توظيف الكلمات والصيغ لها، واستعمال الألفاظ المساعدة، والداعمة لذلك.[٣]


عينية ابن زريق

ليس للشاعر ابن زريق البغدادي قصائد سوى قصيدته الوحيدة "لا تعذليه"، والتي أصبحت من أشهر قصائد الشعر العربي، فقد روي عن ابن حزم الظاهري أنه قال: "من تختم بالعقيق، وقرأ لأبي عمرو، وتفقه للشافعي، وحفظ قصيدة ابن رزيق، فقد استكمل الظرف"، وما يأتي أبيات القصيدة:[٥][٤]


لا تعذليه فإن العذل يولِعه قد قلت حقًا ولكن ليس يسمعه جاوزت في لومه حدًا أضرَّ به من حيث قدّرتِ أن النصح ينفعه فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلًا من عذله فهو مضنى القلب موجِعُهُ قد كان مضطلعًا بالحب يحمله فضيقت بخطوب الدهر أضلعه يكفيه من لوعة التشتيت أن له من النوى كل يوم ما يروّعه ما آب من سفرٍ إلا وأزعجه رأي إلى سفرٍ بالعزم يزمَعُه كأنما هو في حلٍّ ومرتحلٍ موكل بقضاء الله يذرعه إذا الزمان أراه في الرحيل غنىً ولو إلى السند أضحى وهو يزمَعُه تأبى المطامع إلا أن تجشمّه للرزق كدًا وكم ممن يودعه وما مجاهدة الإنسان توصله رزقًا ولادعة الإنسان تقطعه قد وزع الله بين الخلق رزقهم لم يخلق الله من خلق يضيعه لكنهم كلّفوا حرصًا فلست ترى مسترزقًا وسوى الغايات تقنعه والحرص في الرزق والأرزاق قد قُسمت بغيٌ ألا إن بَغيَ المرء يصرعُهُ والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه إرثًا يمنعه من حيث يطمعه أستودع الله في بغداد لي قمرًا بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه ودعته وبودّي لو يودعني صفو الحياة وأنّي لا أودعه وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحىً وأدمعي مستهلات وأدمعه لا أكذب الله ثوب الصبر منخرقٌ عني بفرقته لكن أرقّعه إني أوسّع عذري في جنايته بالبين عنه وجُ مي لا يوسعه رُزِقت مُلكًا فلم أحسن سياسته وكل من لا يسوس الملك يخلعه ومن غدا لابسًا ثوب النعيم بلا شكرٍ عليه فإن الله ينزعه اعتضت من وجه خلي بعد فرقته كأسًا أجرّع منها ما أجرعه كم قائل لي ذقت البين قلت له الذنب والله ذنبي لست أدفعه ألا أقمت فكان الرشد أجمعه لو أنني يوم بان الرشد أتبعه إني لأقطع أيامي وأنفقها بحسرة منه في قلبي تقطعه بمن إذا هجع النوّام بتُّ له بلوعةٍ منه ليلى لستُ أهجعه لا يطمئن لجنبي مضجع وكذا لا يطمئن له مذ بنتُ مضجعه ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني به ولو أن بي الأيام تفجعه حتى جرى البين فيما بيننا بيدٍ عسراء تمنعني حظي وتمنعه قد كنت من ريب دهري جازعًا فرقًا فلم أوق الذي قد كنت أجزعه بالله يا منزل العيش الذي درست آثاره وعفت مذ بنتُ أربعُهُ هل الزمان معيد فيك لذتنا أم الليالي التي أمضته ترجعه في ذمة الله من أصبحت منزله وجاد غيثٌ على مغناك يمرعه من عنده لي عهد لا يضيعه كما له عهد صدق لا أضيعه ومن يصدع قلبي ذكره وإذا جرى على قلبه ذكري يصدعه لأصبرنَّ على دهرٍ لا يمتعني به ولا بي في حالٍ يمتّعه علمًا بأن اصطباري معقب فرجًا فأضيق الأمر إن فكرت أوسعه عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا جسمي ستجمعني يومًا وتجمعه وإن تغِلُّ أحدًا منا منيته فما الذي بقضاء الله يصنعه



وفاة ابن زريق البغدادي

توفي ابن زريق البغدادي في الأندلس عام 420 م.[٣]


يمكنك قراءة المزيد عن شعراء العصر العباسي، مثل: أبو نواس.

المراجع

  1. الدكتور علي عبدالظاهر علي عبداللطيف (30/9/2018)، "فراقية ابن زريق البغدادي على ضوء المنهج النفسي"، مجلة كلية التربية جامعة عين شمس، العدد 24، المجلد 3، صفحة 6.
  2. "ابن زريق البغدادي"، معرفة.
  3. ^ أ ب ت ث مؤيد جاسم، اسامة عبدالغفور، محمد حسين، واحدة ابن زريق ظراسة في البناء الشملي واللغة الشعرية، صفحة 275.
  4. ^ أ ب "ابن زريق البغدادي"، الموسوعة العربية.
  5. الدكتور علي عبدالظاهر علي عبداللطيف، "فراقية ابن زريق البغدادي على ضوء المنهج النفسي"، مجلة كلية التربية جامعة عين شمس، صفحة 11-13.