الشعر العباسي

الشعر هو الفن الأول للقبائل العربية في الوطن العربية، وهو من أكثر ما يهواه العرب لما فيه من تجسيد لروح كاتبه وملقيه، وهو ما يحرص فيه الشاعر على الوزن والقافية، والصدر والعجر في البيت الشعري، من ثم على الأبيات المكونة للقصيدة الكاملة، وهو فن جميل من فنون الأدب الذي ترتاح له النفس وتنتهي به،[١] أما الشعر العباسي؛ فهو الشعر الممتد منذ بداية عهده عام 750م، حتى عام 1258م، وهو أزهى عصر في الأدب والشعر، لاهتمام وحب الخلفاء للشعر وتقديره للشعراء، وهو الأطول زمنًا[٢]، ويسمى بالعباسي؛ نسبة إلى الدولة العباسية، والتي قيل في أيامها، ويطلق عليه أيضًا شعر المولدين أو شعر الموالي[٣]، وقد تنوعت أغراضه وخصائصه، من المديح، إلى الهجاء، والرثاء، والغزل.[٤]


أبو العتاهية

هو اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان، يكنى أبو اسحاق، ولقبه أبو العتاهية، يروى بأنه كان إنسانًا متحذلقًا، وذلك جلي من لقبه، إذ كان يحب الشهرة، ولد في بلدة غربي الكوفة، وقد نشأ في الكوفة، وأخذ علمه فيها، وكان ذكيًا فتابع حلقات العلماء والأدباء، فنبغ في نظم الشعر، ويذكر بأنه قضى آخر حياته في الزهد والتوبة والدعوة إلى مكارم الأخلاق، ومن أشهر قصائده[٥]:


فَيا رَبِّ إِنَّ الناسَ لا يُنصِفونَني وَكَيفَ وَلَو أَنصَفتُهُم ظَلَموني وَإِن كانَ لي شَيءٌ تَصَدَّوا لِأَخذِهِ وَإِن جِئتُ أَبغي شَيئَهُم مَنَعوني وَإِن نالَهُم رِفدي فَلا شُكرَ عِندَهُم وَإِن أَنا لَم أَبذُل لَهُم شَتَموني وَإِن وَجَدوا عِندي رَخاءً تَقَرَّبوا وَإِن نَزَلَت بي شِدَّةٌ خَذَلوني وَإِن طَرَقَتني نَكبَةٌ فَكِهوا بِها وَإِن صَحِبَتني نِعمَةٌ حَسَدوني



أبان بن عبد الحميد

وهو أبان بن عبد الحميد اللاحقي، ذو أصل يعود للفرس، اشتهر بتودده للخلفاء والأمراء والوزراء، وذلك للفوز بالجوائز، وهو الناطق والأديب الرسمي للبرامكة، حتى صار عندهم أستاذًا يمتحن الشعراء ويقدر استحقاقهم للجوائز، مما أثار حفيظة الشعراء من مثل أبي نواس، يذكر أنه كان معجبًا بنفسه، وذلك من أشهر قوله للبرامكة[٦]:


أَنا مِن بغيَةِ الأَميرِ وَكَنزٌ مِن كُنوزِ الأَميرِ ذو أَرباحِ كاتِبٌ حاسِبٌ خَطيبٌ بَليغٌ ناصِحٌ زائِدٌ عَلى النُصّاحِ شاعِرٌ مُفلِقٌ أَخَفُّ مِنَ الريـ ـشَةِ مِمّا يَكونُ تَحتَ الجَناحِ



بشار بن برد

هو بشار بن برد بن يرجون العقبلي، يكنى بأبي معاذ، ويلقب بالمرعث، وهو من بلغاء الكوفة، ولد في البصرة، وخرج منها نابغًا في الفصاحة والشعر[٧]، من أعذب أشعاره في الغزل[٨]:


لَم يَطُل لَيلي وَلَكِن لَم أَنَم وَنَفى عَنّي الكَرى طَيفٌ أَلَم رفهي يا عَبدَ عَنّي وَاِعلَمي أَنَّني يا عَبدَ مِن لَحمٍ وَدَم إِنَّ في بُردَيَّ جِسماً ناحِلا لَو تَوَكَّأتِ عَلَيهِ لَاِنهَدَم وَإِذا قُلتُ لَها جودي لَنا خَرَجَت بِالصَمتِ عَن لا وَنَعَم



أبو فراس الحمداني

أبو فراس الحمداني هو الحارث بن سعيد بن حمدان، يكنى أبو فراس، من الموصل، إذ ولد فيها عام 320 هجريًا، نشأ وتربى في بلاط ابن عمه سيف الدولة أمير حلب، فتعلم العلم وأدب الفروسية عنده، وقد تتلمذ على يد أفضل الأساتذة في فنون القتال، الفروسية، وجميع العلم، ولاه سيف الدولة الحكم على منبج وحران، من أشهر قصائده تلك التي يقول مطلعها[٩]:


أَراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُأَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ



سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ فَإِن عِشتُ فَالطَعنُ الَّذي يَعرِفونَهُ وَتِلكَ القَنا وَالبيضُ وَالضُمَّرُ الشُقرُ وَإِن مُتُّ فَالإِنسانُ لابُدَّ مَيِّتٌ وَإِن طالَتِ الأَيّامُ وَاِنفَسَحَ العُمرُ وَلَو سَدَّ غَيري ماسَدَدتُ اِكتَفوا بِهِ وَما كانَ يَغلو التِبرُ لَو نَفَقَ الصُفرُ وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ أَعَزُّ بَني الدُنيا وَأَعلى ذَوي العُلا وَأَكرَمُ مَن فَوقَ التُرابِ وَلا فَخرُ



ابن المعتز

هو عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور، شاعر مطبوع، غزير الأب ووافر الفضل، تتلمذ وتأدب على يد أبي العباس المبرد وثعلب، أصاب العديد من العلم والفنون، وكان شعره مشوبًا بالعاطفة، الحكمة، والبلاغة، من أشهر أقواله[١٠]:


أشكو إلى الله أحداثا من الزمن يـبـرينني مثل بري القدح بالسفن لم تبق في العيش لي إلا مرارته إذا تـذوقـتـه والحـلو مـنـه فـنـي يـا نـفس صبرا وإلا فاهلكي جزعا إن الزمـان عـلى مـا تـكرهين بني لا تـحـسـبـي نـعـمـا سـرتك صحبتها إلا مـفـاتـيـح أبـواب من الحـزن



أبو الطيب المتنبي

هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن مروةبن عبدالجبار الجعفي الكندي الكوفي، ولد عام 303 هجري، في حي كندة في الكوفة، نشأ لعائلة فقيرة، ربته جدته لوالدته، إذ كانت من النساء الصالحات، وقد تعلم القراءة والكتابة في الكتاب، وقرأ وطالع العديد من الكتب لملازمته دكاكين الوراقين، والمرح بأنه لم يستلم على يد أحد، فقد تعلم من غب معلم، فأخذ ثقافته من الكتب والصحف، لغته الفصحى أخذها من ترددها على البادية، وأخذ منها الفروسية وفنون الحرب أيضًا، ومن أشهر أشعاره:[١١]


ما مُقامي بِأَرضِ نَخلَةَ إِلّا كَمُقامِ المَسيحِ بَينَ اليَهودِ أَنا في أُمَّةٍ تَدارَكَها اللَـ ـهُ غَريبٌ كَصالِحٍ في ثَمودِ



أبو نواس

هو الحسن بن هاني بن عبد الأول الحكمي، أصله فارسي رغم تضارب الأقوال بأنه عربي من مصر، ولد عام 145 هجريًا، ارتحل مع والدته إلى البصرة بعد وفاة والده وهو صغير، دفعته والدته لأهل العلم والله فتعلم العلوم الدينية والعربية جميعها، فأصبح مثقفًا، وذلك إلى جانب عمله عند عطار للرزق، هوى الشعر ونظمه، حتى صحب الشعراء والعلماء في الكوفة بعد خروجه من البصرة[١٢]، من أشعاره ما يقول[١٣]:


يا خاطِبَ القَهوَةِ الصَهباءِ يَمهُرُها بِالرَطلِ يَأخُذُ مِنها مِلأَهُ ذَهَبا قَصَّرتَ بِالراحِ فَاِحذَر أَن تُسَمِّعَها فَيَحلِفَ الكَرمُ أَن لا يَحمِلَ العِنَبا إِنّي بَذَلتُ لَها لَمّا بَصُرتُ بِها صاعاً مِنَ الدُرِّ وَالياقوتِ ما ثُقِبا فَاِستَوحَشَت وَبَكَت في الدَمنِ قائِلَةً يا أُمُّ وَيحَكِ أَخشى النارَ وَاللَهَبا



أبو تمام

هو حبيب بن أوس الطائي، ولد عام 188 هجريًا، نشأ في دمشق، وعمل فيها بالحياكة منذ صغره، وقد كان يتردد إلى دروس العلم والأدب، وارتحل في طلبه، وقد سخر قدرته على نظم الشعر في المدح، وغيره من أغراض الشعر إلا الهجاء منها، كان له مكانة مميزة عند الخليفة المعتصم بالله، من أشهر أشعاره ما يقول فيه[١٤]:


نَقِّل فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِنَ الهَوى ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ كَم مَنزِلٍ في الأَرضِ يَألَفُهُ الفَتى وَحَنينُهُ أَبَداً لِأَوَّلِ مَنزِلِ


المراجع

  1. مكرمة، أبو نواس وخصائص شعره في الحب، صفحة 11-12. بتصرّف.
  2. د ياسبمينه محمد محمود عمر، خصائص الشعر في العصر العباسي، صفحة 299-300. بتصرّف.
  3. مكرمة، أبو نواس وخصائص شعره في الحب، صفحة 14-13. بتصرّف.
  4. د ياسمينه محمد محمود عمر، خصائص الشعر في العصر العباس، صفحة 306 304-302. بتصرّف.
  5. الدكتور ناظم رشيد، العربي في العصر العباسي-د.ناظم رشيد.pdf الأدب العربي في العصر العباسي، صفحة 98 91 88. بتصرّف.
  6. عبد عون الروضان، موسوعة شعراء العصر العباسي الجزء الأول، صفحة 7.
  7. مكرمة، أبو نواس وخصائص شعره في الحب، صفحة 21. بتصرّف.
  8. عبد عون الروضان، موسوعة شعراء العصر العباسي الجزء الأول، صفحة 88. بتصرّف.
  9. الدكتور ناظم رشيد، العربي في العصر العباسي-د.ناظم رشيد.pdf الادب العربي في العصر العباسي، صفحة 254-249. بتصرّف.
  10. عبد عون الرضوان، موسوعة شعراء العصر العباسي الجدز الأول، صفحة 28-29. بتصرّف.
  11. الدكتور ناظم رشيد، العربي في العصر العباسي-د.ناظم رشيد.pdf الادب العربي في العصر العباسي، صفحة 226-228. بتصرّف.
  12. مكرمة، أبو نواس وخصائص شعره في الحب، صفحة 26-24. بتصرّف.
  13. عبد عون الروضان، موسوعة شعراء العصر العباسي الجزء الأول، صفحة 52. بتصرّف.
  14. الدكتور ناظم رشيد، العربي في العصر العباسي-د.ناظم رشيد.pdf الادب العربي في العصر العباسي، صفحة 106-116. بتصرّف.