العصرُ الجاهليُّ

إنَّ المتتبِّعَ لأصلِ لفظِ "الجاهليَّةِ" يجدُ أنَّه يُطلقُ على الفترةِ الزَّمنيَّةِ الَّتي بيَّنتْ أحوالَ العربِ منذُ أنْ وُجدوا إلى بدايةِ ظهورِ الإسلامِ، ولا نعني بالجاهليَّةِ ما قدْ يتبادرُ إلى الذِّهنِ منَ الإشارةِ إلى ما هوَ مناقضٌ للعلمِ والمعرفةِ، بلْ نقصدُ بها السَّفاهةَ الَّتي كانتْ تقومُ على القتلِ والهمجيَّةِ، وعبادةِ الأوثانِ، وانتشارِ الضَّلالةِ، واستباحةِ الزّنا، وشربِ الخمرِ، وما يتَّصلُ بتأريثِ العداوةِ، وقيام الحُروبِ، وتفرُّق القبائلِ. والبحثُ في الأدبِ الجاهليِّ يقتصرُ على الفترةِ الَّتي كانتْ تسبقُ الإسلامَ بقرنينِ تقريبًا، وينتهي بالفترةِ الَّتي ظهرَ فيها الإسلامُ؛ وذلك لأنَّ مظاهرَ الجاهليَّةِ بقيَتْ بعدَ مبعثِ النّبيّ محمّد عليه الصّلاةُ والسّلام لزمنٍ غير قصير.[١]


شعراءُ العصرِ الجاهليِّ

تمايزَ شعراءُ العصرِ الجاهليِّ، كلٌّ بحسبِ شهرتهِ أو ثروته الشّعريّةِ، ومن أشهرِ شعراء العصر الجاهليّ:


امرؤ القيس

  • اسمه: وهو جُندح، وقيل: هو جُندح، وعَدي، ومليكة بنُ حُجر بن الحارث بن عمرو بنُ حجر، الملقّب بآكل المرار بن معاوية بن ثور.[٢]
  • كُنيته ولقبه: كنيته أبو وهب، وأبو الحرث، وأبو زيد، أمّا لقبهُ فامرؤ القيس، وقيس تعني الشّدّة أو الجمال، كما لُقّب بذي القروح، بسبب القروح الّتي أصيب بها بعد عودته من زيارة قيصر الرّوم، الّذي أعطاه دروعًا مسمومة، فتقرّح جلده بعد أن لبسها، كما لقّب بالملك الضلّيل؛ وذلك لأنّه ملك بن ملك، ضلّ من بعد رشد.
  • ولادته ونشأته: وُلد حوالي عام 500 ميلادي، في نجد، ونشأ في كندة، وهي أسرة ملوك.[٢]
  • منزلتهُ الشّعريّة: من النّاحية الشّعريّة صنّفه ابن سلّام في المنزلة الأولى، ومن الطّبقة الأولى.[٢]
  • أعماله الشّعريّة: اشتُهر امرؤ القيس بمعلّقته الّتي هي أنفس المعلّقات، والّتي تزيد أبياتها عن السبعين بيتًا. وتتنوّع أغراضها ما بين بكاء الأطلال، والغزل الرّقيق، والعبث الماجن، الفاجر الّذي غلب على القصيدة. ويقول في معلّقته:[٢]

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُول فَحَوْمَلِ

فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لمْ يَعْفُ رَسْمُها لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ

تَرَى بَعَرَ الآرام فِي عَرَصَاتِهَا وَقِيْعَانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ

كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوْفًا بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيَّهُمُ يَقُوْلُوْنَ: لا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ

وإِنَّ شِفائِيَ عَبْرَةٌ مُهْرَاقَةٌ فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ؟

كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ


تأبّط شرًّا

  • اسمه: ثابت بن جابر بن سفيان بن عدي بن كعب بن حرب بن تميم بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس بن مضر.[٣]
  • كُنيته ولقبه: لُقّب الشّاعر بتأبّط شرًّا، وعُرف باسم لقبه، ويقال أنّ سبب هذه التّسمية تأبّطه سيفًا عند خروجه، فقالت أمّه عندما سُئلت عن خروجه: تأبّط شرًّا، وقيل أنّه خرج يومًا، وجمع أطول الأفاعي، وأشدّها رهبةً، ووضعها في جراب تحت إبطه، وجاء به إلى أمّه، ونفضه أمامها، فراحت الأفاعي تسعى، وهي تصرخ، فقالت الجارات حين سمعن برواية الأمّ لهذا الموقف: تأبّط شرًّا، فغلب عليه اللقب.[٣]
  • سماته الشّخصيّة: عُرف (تأبّط شرّا) بشخصيّته الأسطوريّة، حيث كان مولعًا منذ صغره بالحرب، والطّعن، والضّرب، وقد عاشر الوحوش والظّباء، واعتاش عليها، واتّخذ من الصّحراء مسرحًا لجولاته فيها.[٣]
  • مقتله: قُتل سنة 80 أو 90 قبل الهجرة، في ديار هذيل، بعد خاله الشّنفريّ، وألقيت جثّته في غار رخمان.[٣]
  • أعماله الشّعريّة: امتاز شعره بالواقعيّة، وغلب عليه النّزعة التّصويريّة الطّبيعيّة، كما عُرف بمستواه الفنّيّ العالي، حيث كاد أن يرقى في بعض قصائده إلى مستوى امرئ القيس، مما أدّى إلى اختلاط شعرهما. له قصيدة افتخر فيها بشجاعته، وحسن تدبيره، حيث أنّه استطاع بحنكته، وسرعته أن يفلتَ من الفخّ الّذي نصبته له قبيلة هذيل في إحدى المغارات، حينما كان يتردد لطلب العسل فعندما عرف بالفخّ سكب بعض العسل على أرض شقٍّ صغيرٍ في الغار، ثمّ انزلق عليه بصدره، وانطلق بسرعةٍ أسطوريّة، يقول فيها:[٣]

إِذا المَرءُ لَم يَحتَل وَقَد جَدَّ جَدُّهُ أَضاعَ وَقاسى أَمرُهُ وَهوَ مُدبِرُ

وَلكِن أَخو الحَزمِ الَّذي لَيسَ نازِلاً بِهِ الأَمرُ إِلّا وَهوَ لِلأَمرِ مُبصِرُ

فَذاكَ قَريعُ الدَهرِ ماعاشَ حُوَّلٌ إِذا سُدَّ مِنهُ مِنخَرٌ جاشَ مِنخَرُ

فَإِنَّكَ لَو قاسَيتَ بِاللَصبِ حيلَتي بِلِحيانَ لَم يَقصُر بِكَ الدَهرَ مَقصَرُ

أَقولُ لِلَحيانٍ وَقَد صَفِرَت لَهُم وطابي، وَيَومي ضيق الحِجرِ مُعوِرُ

لَكُم خَصلَةٌ إِمّا فِداءٌ وَمِنَّةٌ وَإِمّا دَمٌ وَالقَتلُ بِالمَرءِ أَجدَرُ


زهير بن أبي سلمى

  • اسمه: هو زهير بن ربيعة، لُقّب بأبي سُلمى.[٤]
  • نشأتهُ: ولد أبو سُلمى في أسرة شعراء، فأبوهُ وخال أبيه شاعران، وشهد حربَ داحس والغبرا، ودار معظم شعره حولها.[٤]
  • شعره: كان شاعرًا مجيدًا، حيث عرف بشاعر "الحوليّات"؛ لاهتمامه الشّديد بجماليّة قصيدته، وتكاملها الفنّيّ، وغلبت على قصائده القيمة الجماليّة الفنّيّة، وهو أحد أصحاب المعلّقات، وهو من شعراء الحكمة والسّلام، يدعو إلى التّسامح والتّصالح بين القبائل، وتُعدّ معلّقته من جيّد شعره، ومن جيّد شعر المعلّقات، حيث تشتمل على أغراض متعدّدة: مدح، ووصف، وحكمة. يقول زهير بن أبي سلمى في معلّقته:[٤]


أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً فَلَأياً عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ أَثافِيَّ سُفعاً في مُعَرَّسِ مِرجَلٍ وَنُؤياً كَجِذمِ الحَوضِ لَم يَتَثَلَّمِ فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ قُلتُ لِرَبعِها أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الرَبعُ وَاِسلَمِ تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ تَحَمَّلنَ بِالعَلياءِ مِن فَوقِ جُرثُمِ عَلَونَ بِأَنماطٍ عِتاقٍ وَكِلَّةٍ وِرادٍ حَواشيها مُشاكِهَةِ الدَمِ وَفيهِنَّ مَلهىً لِلصَديقِ وَمَنظَرٌ أَنيقٌ لِعَينِ الناظِرِ المُتَوَسِّمِ بَكَرنَ بُكوراً وَاِستَحَرنَ بِسُحرَةٍ فَهُنَّ لِوادي الرَسِّ كَاليَدِ لِلفَمِ جَعَلنَ القَنانَ عَن يَمينٍ وَحَزنَهُ وَمَن بِالقَنانِ مِن مُحِلٍّ وَمُحرِمِ ظَهَرنَ مِنَ السوبانِ ثُمَّ جَزَعنَهُ عَلى كُلِّ قَينِيٍّ قَشيبٍ مُفَأَّمِ كَأَنَّ فُتاتَ العِهنِ في كُلِّ مَنزِلٍ نَزَلنَ بِهِ حَبُّ الفَنا لَم يُحَطَّمِ



الأعشى

  • اسمه: وهو ميمونُ بنُ قيسٍ بنُ جندلٍ بنُ شراحل بنُ عوفٍ بنُ سعدٍ بنُ مالكٍ بنُ صبيعةٍ بنُ قيسٍ، من معدٍ من عدنان، ليس له لقبٌ سوى الأعشى "أعشى قيس"، أو الأكبر.[٥]
  • كُنيته ولقبه: إنّ كنية الأعشى (أبو بصير)، أمّا لقبهُ فالأعشى لغشاءٍ في بصرهِ، كان سببًا في إصابته بالعمى في أخريات حياتهِ.[٥]
  • نشأته: نشأ الأعشى في اليمامة، وترعرعَ فيها، ثمّ جاب البلادَ، حيث زار اليمنَ ونجرانَ، وعدنَ والحجازَ، ثمّ انتقلَ إلى المشرقِ، والبحرينِ، والعراقِ، وزارَ الشّام وتخوم بلاد الرّوم، إلى أن وصلَ إلى بلاد فارس، وانتقلَ إلى الحبشةِ.[٥]
  • صفاته: اتّصفَ الأعشى بكونهِ شخصيّة مغامرة، فقد كان كثير التّنقّل والتّرحال، فبعد أن ضاقتْ به بلدته جاب أرجاء الجزيرة العربيّة، وتنقّل ما بين العراق، وبلاد فارس، والشّام، والحبشة.[٥]
  • شعره: الشّعرَ في كلّ المواضيع؛ إذْ نظم في الحماسةِ، والمدح، والفخر، ووصف الحرب، والخمرة، إذ كان مولعًا بالخمرة بشكلٍ كبير، وعُرف بأسلوبه الحسّيّ في الشّعر، حيث كان مولعًا بكلّ ملذّات الحياة.[٥]
  • منزلتهُ الشّعريّة: من النّاحية الشّعريّة، صنّفه ابن سلّام في المنزلة الرّابعة، من الطّبقة الأولى، ويسبقهُ امرؤ القيس، والنّابغة، وزهير بن أبي سلمى، وقال فيه: "هو أكثرهم عروضًا، وأذهبهم في فنون الشّعر، وأكثرهم طويلةً جيّدةً، وأكثرهم مدحًا، وهجاءً، ونظرًا، وصفةً".[٥]
  • أعماله الشّعريّة: للأعشى ديوانٌ شعريٌّ مطبوع، وعُرف بمعلّقته اللّاميّة، الّتي اعتبرت من نفائس الشّعر العربيّ، والّتي تتكوّن من ستّين بيتًا، يتغنّى في معظمها بمفاتن المرأة، والحبّ، ووصف الخمرة، ومجالسها، وتتنوع ما بين المديح، والهجاء، ويقول فيها:[٥]


وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ تَسمَعُ لِلحَليِ وَسواساً إِذا اِنصَرَفَت كَما اِستَعانَ بِريحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ لَيسَت كَمَن يَكرَهُ الجيرانُ طَلعَتَه وَلا تَراها لِسِرِّ الجارِ تَختَتِلُ يَكادُ يَصرَعُها لَولا تَشَدُّدُها إِذا تَقومُ إِلى جاراتِها الكَسَلُ



الشّعرُ الجاهليُّ

يُعتبرُ الشِّعرُ الجاهليُّ مصدرًا من مصادرِ التاريخ؛ حيثُ يُساعدنا على الوقوفِ على تاريخِ الجاهليَّةِ، والاطّلاعِ على أحوالها، وقد وُصفَ الشّعرُ قديمًا على أنَّه ديوانُ العربِ، وقد دلّل عكرمةُ على ذلك بقوله: "ما سمعتُ ابنَ عبّاس فسَّرَ آيةً من كتابِ اللهِ، عزَّ وجلَّ، إلّا نزع فيها بيتًا من الشّعرِ" وكان يقول: "إذا أعياكم تفسيرُ آيةٍ من كتابِ اللهِ، فاطلبوهُ في الشّعرِ، فإنَّهُ ديوانُ العربِ، وبهِ حُفظتِ الأنسابُ، وعُرفتِ المآثر، ومنه تعلّمتُ اللغة، وهو حجّة فيما أُشكل من غريبِ كتابِ الله، وغريبِ حديث رسول اللهِ، صلّى الله عليه وسلّم، وحديث صحابتهِ والتّابعين"، ولقد جُمع الشّعر الجاهليُّ في الإسلام على يد رواة حاذقينَ، وأوّل من جمعَ أشعار العربِ، وساق حديثُها، بحسبِ روايةِ محمّد بن سلّام الجمحيّ، هو حمّاد الرّاوية، والّذي كان يُعتبرُ راويًا غير موثوقٍ به، فقد كان ينحلُ شعرَ الرّجلِ غيره، ويزيدُ في الأشعار، كما اشتُهر في جمع الشّعرِ أبو عمرو بن العلاء، وخلف بن حيّان، وأبو عبيدة، والأصمعيّ، والمفضّل بن محمّد الضّبيّ الكوفيّ، صاحب المفضّليّات.[٦]


أضرب الشِّعرِ في العصرِ الجاهليِّ

يُمكنُنا تصنيفُ الشِّعرِ الجاهليِّ إلى أربعةِ أنواعٍ، وذلك بحسب تصنيف ابن قتيبة، في كتابه "الشّعر والشّعراء"، وذلك على النّحو الآتي:[٧]

  • أوّلًا: ضربٌ منه حسُن لفظهُ، وجاد معناه، كقول الشّاعرِ "أوسِ بنِ حجر" في مطلع مرثيّته التي وصفها ابن قتيبة بقوله: "لم يبتدئ أحدٌ مرثيّةً بأحسن من هذا":[٧]


أيَّتُها النَّفسُ أجملي جزعًا إنَّ الّذي تحذرينَ قد وقعَا

  • ثانيًا: ضربٌ منهُ حسُن لفظه وحلا، ولكن دون وجود فائدةٍ في المعنى، وهذا النّوع من الشّعر يكثرُ شيوعه، ومثله قول المعلوط السَّعديّ:[٧]


إِنَّ الَّذينَ غَدَوا بِلُبِّكَ غادَروا وَشَلاً بِعَينِكَ ما يَزالُ مَعينا غَيَّضنَ مِن عَبَراتِهِنَّ وَقُلنَ لي ماذا لَقيتَ مِنَ الهَوى وَلَقينا

  • ثالثًا: ضربٌ منهُ جاد معناه، وقصُرتْ ألفاظُهُ، كقول لَبيدِ بنِ ربيعة، والّذي وصفه ابن قتيبة بقوله: "هذا وإنْ كانَ جيِّدَ المعنى والسَّبك، فإنَّهُ قليلُ الماءِ والرَّونق":[٧]


ما عاتبَ المرءَ الكريمَ كنفسهِ والمرءُ يُصلحهُ الجليسُ الصَّالحُ


وكقولِ النّابغةِ للنّعمانِ:[٧]


خطاطيفُ حُجْنٍ في حِبالٍ متينةٍ تمدُّ بها أيدٍ إليكَ نوازعُ

  • رابعًا: ضربٌ منهُ تأخَّر معناهُ ولفظهُ، مثل قول الأعشى في امرأةٍ:[٧]


وفُوها كَأَقَاحِــــــيَّ غَـذَاهُ دَائـمُ الهَـطْــلِ كما شِيبَ برَاحٍ بار د مِنْ عَسَل النَّحْل.



خصائص الشّعر الجاهليّ

لا بدَّ أنَّ الشِّعرَ الجاهليَّ الموغلَ في قدمهِ قد مرّ في أطوارٍ عديدة، جعلتْه يمتازُ بخصائصَ شعريّة فريدة، ولعلّ من أبرز هذه الخصائص للشعر الجاهليّ:[٨]

  • أوّلًا: الشَّكلِ الموزونِ المقفّى؛ إذ إنّ القصائدَ في العصر الجاهليّ كانت تعتمد بصورةٍ كبيرة على وحدة القافيّة الشّعريّة، ووحدة الموضوع.
  • ثانيًا: الاعتماد على الأسلوبِ الموجزِ الجميلِ في التّعبير عن العواطف الّتي يمرُّ بها الشّاعر، ووصف الأحداث والمجريات.
  • ثالثًا: الخيالِ الخصبِ، الّذي من شأنه خلق صورة حيّة في ذهن المتلقّي.
  • رابعًا: التَّعبيرِ الدَّقيقِ الَّذي لا لغوَ فيه ولا تطويل؛ فلا يشعر فيه المتلقّي بالمبالغة واللّغو.
  • خامسًا: الاعتماد على لغة متينةٍ جزلةٍ، وهذا ما ميّز اللغة في العصر الجاهليّ، حيث كانت الأقرب إلى الفصحى.
  • سادسًا: النّضج الفنّيّ، ولا سيّما في المعلّقات.
  • سابعًا: كمال موضوعات الشّعر الجاهليّ؛ إذْ إنّ الشّعراء الجاهليّين تناولوا جميعَ المواضيع الشّعريّة، ولمْ يتركوا لمن جاء بعدهم الفرصةَ لأن يضيفوا موضوعاتٍ جديدةً في الشّعر.
  • ثامنًا: فيه تصويرٌ لحقيقة أهله، ونفسيّة قائليه بأمجادهم، وبطولاتهم، وعواطفهم.
  • تاسعًا: للشّعر الجاهليّ أثرٌ في نفوسِ العرب، ومكانةٌ عظيمةٌ.
  • عاشرًا: كثيرٌ من الشّعرِ يدفعُ النّاس إلى الخير، ويهزُّ أريحيّتهم، بما جاء فيه من معانٍ سامية.

المراجع

  1. محمّد هاشم عطيَّة، الأدب العربي وتاريخه في العصر الجاهلي، صفحة 6. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث عبد عون الرّوضان، موسوعة شعراء العصر الجاهليّ، صفحة 34-38. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج عبد عون الروضان، موسوعة شعراء العصر الجاهلي، صفحة 59-61. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت عبد عون الروضان، موسوعة شعراء العصر الجاهلي، صفحة 132-135. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ عبد الله عون روضان، موسوعة شعراء العصر الجاهلي، صفحة 26-28. بتصرّف.
  6. الدّكتور جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، صفحة 67-68. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث ج ح تحقيق وشرح أحمد محمّد شاكر، الشّعرُ والشّعراء لابن قتيبة، صفحة 65-69. بتصرّف.
  8. الدّكتور يحيى الجبوري، الشّعر الجاهليّ خصائصه وفنونه، صفحة 127-132. بتصرّف.