ولد أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك في القاهرة عام 1869م، ونشأ وترعرع فيها، وينحدر شوقي من أسرة مكونة من خمسة أصولٍ عرقية، وهي: العربية، والشركسية، الكردية، والتركية، واليونانية، ويعد شوقي شاعرًا من أهم أعمدة الشعر العربي الحديث، ورائد النهضة الشعرية العربية، وقد لُقب بأمير الشعراء عام 1927م، وذلك لغزارة إنتاجه الشعري، وسيطرته بذلك على الساحة الأدبية في مصر، وله ديوان شعري ضخم سمّاه (الشوقيات)، وله عدد من الروايات، والكتب الأدبية، والمسرحيات الشعرية، ومنها ما حاكى بها نماذج الشعراء الغربيين من أمثال: شكسبير، وكورني. وتوفي شوقي في 13 أكتوبر من عام 1932م.[١][٢][٣]


من قصيدة مضناك جَفاهُ مَرقَدُهُ

يقول أحمد شوقي:[٤]


مُضناكَ جَفاهُ مَرقَدُهُ وَبَكاهُ وَرَحَّمَ عُوَّدُهُ حَيرانُ القَلبِ مُعَذَّبُهُ مَقروحُ الجَفنِ مُسَهَّدُهُ أَودى حَرَفاً إِلّا رَمَقاً يُبقيهِ عَلَيكَ وَتُنفِدُهُ يَستَهوي الوُرقَ تَأَوُّهُهُ وَيُذيبُ الصَخرَ تَنَهُّدُهُ وَيُناجي النَجمَ وَيُتعِبُهُ وَيُقيمُ اللَيلَ وَيُقعِدُهُ وَيُعَلِّمُ كُلَّ مُطَوَّقَةٍ شَجَناً في الدَوحِ تُرَدِّدُهُ كَم مَدَّ لِطَيفِكَ مِن شَرَكٍ وَتَأَدَّبَ لا يَتَصَيَّدُهُ فَعَساكَ بِغُمضٍ مُسعِفُهُ وَلَعَلَّ خَيالَكَ مُسعِدُهُ الحُسنُ حَلَفتُ بِيوسُفِهِ وَالسورَةِ إِنَّكَ مُفرَدُهُ قَد وَدَّ جَمالَكَ أَو قَبَساً حَوراءُ الخُلدِ وَأَمرَدُهُ وَتَمَنَّت كُلُّ مُقَطَّعَةٍ يَدَها لَو تُبعَثُ تَشهَدُهُ جَحَدَت عَيناكَ زَكِيَّ دَمي أَكَذلِكَ خَدُّكَ يَجحَدُهُ قَد عَزَّ شُهودي إِذ رَمَتا فَأَشَرتُ لِخَدِّكَ أُشهِدُهُ وَهَمَمتُ بِجيدِكِ أَشرَكُهُ فَأَبى وَاِستَكبَرَ أَصيَدُهُ وَهَزَزتُ قَوامَكَ أَعطِفُهُ فَنَبا وَتَمَنَّعَ أَملَدُهُ سَبَبٌ لِرِضاكَ أُمَهِّدُهُ ما بالُ الخَصرِ يُعَقِّدُهُ بَيني في الحُبِّ وَبَينَكَ ما لا يَقدِرُ واشٍ يُفسِدُهُ ما بالُ العاذِلِ يَفتَحُ لي بابَ السُلوانِ وَأوصِدُهُ وَيَقولُ تَكادُ تُجَنُّ بِهِ فَأَقولُ وَأوشِكُ أَعبُدُهُ مَولايَ وَروحي في يَدِهِ قَد ضَيَّعَها سَلِمَت يَدُهُ ناقوسُ القَلبِ يَدُقُّ لَهُ وَحَنايا الأَضلُعِ مَعبَدُهُ قَسَماً بِثَنايا لُؤلُؤها قَسَمَ الياقوتُ مُنَضَّدُهُ وَرُضابٍ يوعَدُ كَوثَرُهُ مَقتولُ العِشقِ وَمُشهَدُهُ وَبِخالٍ كادَ يُحَجُّ لَهُ لَو كانَ يُقَبَّلُ أَسوَدُهُ وَقَوامٍ يَروي الغُصنُ لَهُ نَسَباً وَالرُمحُ يُفَنِّدُهُ وَبِخَصرٍ أَوهَنَ مِن جَلَدي وَعَوادي الهَجرِ تُبَدِّدُهُ ما خُنتُ هَواكَ وَلا خَطَرَت سَلوى بِالقَلبِ تُبَرِّدُهُ



من قصيدة ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ

يقول أحمد شوقي:[٥]


ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ لَقَد أَنَلتُكَ أُذناً غَيرَ واعِيَةٍ وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَداً أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ أَفديكَ إِلفاً وَلا آلو الخَيالَ فِدىً أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ سَرى فَصادَفَ جُرحاً دامِياً فَأَسا وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ مَنِ المَوائِسُ باناً بِالرُبى وَقَناً اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحىً يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ المُضرِماتُ خُدوداً أَسفَرَت وَجَلَت عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفاً أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالغَنَمِ وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبيً يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَمّى جانِبُهُ أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ لَم أَغشَ مَغناكِ إِلّا في غُضونِ كِرىً مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ فُضّي بِتَقواكِ فاهاً كُلَّما ضَحِكَت كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ طَوراً تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَماً يَسُمُ



قصيدة الله في الخلق من صب ومن عانى

يقول أحمد شوقي:[٤]


الله في الخلق من صب ومن عانى تفنى القلوب ويبقى قلبك الجاني صوني جمالك عنا إننا بشر من التراب وهذا الحسن روحاني أو فابتغي فلكا تأوينه ملَكا لم يتخذ شركا في العالم الفاني السرّ يحرسه والذكر يؤنسه والشهب حوليه بالمرصاد للجان ينساب للنور مشغوفا بصورته منعّما في بديعات الحلى هانى إذا تبسم أبدى الكون زينته وإن تنسم أهدى أى ريحان وأشرفي من سماء العز مشرقة بمنظر ضاحك اللآلاء فتان عسى تكف دموع فيك هامية لا تطلع الشمس والنداء في آن يا من هجرت إلى الأوطان رؤيتها فرحت أشوق مشتاق لأوطان أتعهدين حنيني في الزمان لها وسكبي الدمع من تذكارها قانى وغبطيَ الطير آتيه أصيح به ليت الكريم الذي أعطاك أعطاني مُرّي عصىّ الكرى يغشى مجاملة وسامحي في عناق الطيف أجفاني كفى خدودي من عينيّ ما شربت فمثل ما قد جرى لم تأت عينان لئن ضننت فما لي لا أضنّ به على الفناء سوى آثار وجدان ومنطق يرث التاريخ جوهره عن الزمان وعن عباسه الثاني يا ابن النوال وما في الملك من كرم ومن عفاف ومن حلم وإيمان هذي المفاخر لم تولد ولا ولدت ولا رأى الناس شأنا كفء ذا الشان هام الأنام وسادات الأنام بها وحرّك العصر أعطافا كنشوان ربَّ الصعيد ورب الريف ثب بهما للفرقدين وطاول شأو كيوان سارت بمسعاتك الأخبار وانتقلت بها الركاب وشاق القاصي الداني تريد مصر بما تبدى حوادثها ليعرف الناس حلمي هل له ثاني فيا حوادث مهلا في نصيحتنا فما تركت لنا لبا بعرفان وإن حلمي لتستكفي البلاد به كالعين تمت معانيها بإنسان لما بدا الشهر واستقبلت غرّته لاح الهلال ولاح البدر في آن وقمت تسطع بالأنوار في أفق بالمسلمين وبالإسلام مزدان كأنك البدر في غايات رفعته لو كان للبدر كرسي وتاجان فاهنأ مكانك واهنأ ما يلوح به لرب يلدز من آثار إحسان إذا الخلافة في أمصارها نهضت رأت بمصركم روحا لأبدان وإنها الدهرَ للإسلام مملكة تزهو ممالكها منها بعنوان أهدى الخليفة ما أهدى يبشرنا أن الوداد بأساسٍ وأركانٍ وإن ما تشتكي الأوطان من أود إلى صلاح بنعماه وعمران قصرا على اللج لولا أن مهديه عبد الحميد لقلنا قصر نعمان يبيت من عزة البسفور صاحبه على مكان من الدنيا وإمكان إذا الأكارم سنوا للندى سبلا سننت أجملها يا فرع عثمان ودّ النجوم أبا ساسان والدهم ومن بوالدك العالي بساسان يظل يسجع في الإسلام شاعركم كان أيامه أيام حسان ويشتهي الدولة العليا معززة من الوئام بأنصار وأعوان وبالمعارف تعليها وتورثها في الأرض بنيات فخر عند بنيان ركن الخلافة ضافي الذيل مدّعم على السلام فعش للركن يا باني



من قصيدة اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي

يقول أحمد شوقي:[٤]


اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ عَصَفَت كَالصِبا اللَعوبِ وَمَرَّت سِنَةً حُلوَةً وَلَذَّةُ خَلسِ وَسَلا مِصرَ هَل سَلا القَلبُ عَنها أَو أَسا جُرحَهُ الزَمانَ المُؤَسّي كُلَّما مَرَّتِ اللَيالي عَلَيهِ رَقَّ وَالعَهدُ في اللَيالي تُقَسّي مُستَطارٌ إِذا البَواخِرُ رَنَّت أَوَّلَ اللَيلِ أَو عَوَت بَعدَ جَرسِ راهِبٌ في الضُلوعِ لِلسُفنِ فَطنُ كُلَّما ثُرنَ شاعَهُنَّ بِنَقسِ يا اِبنَةَ اليَمِّ ما أَبوكِ بَخيلٌ ما لَهُ مولَعاً بِمَنعٍ وَحَبسِ أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ كُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّا في خَبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ نَفسي مِرجَلٌ وَقَلبي شِراعٌ بِهِما في الدُموعِ سيري وَأَرسي وَاِجعَلي وَجهَكِ الفَنارَ وَمَجراكِ يَدَ الثَغرِ بَينَ رَملٍ وَمَكسِ وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي وَهَفا بِالفُؤادِ في سَلسَبيلٍ ظَمَأٌ لِلسَوادِ مِن عَينِ شَمسِ شَهِدَ اللَهُ لَم يَغِب عَن جُفوني شَخصُهُ ساعَةً وَلَم يَخلُ حِسّي يُصبِحُ الفِكرُ وَالمَسَلَّةُ نادي هِ وَبِالسَرحَةِ الزَكِيَّةِ يُمسي وَكَأَنّي أَرى الجَزيرَةَ أَيكاً نَغَمَت طَيرُهُ بِأَرخَمَ جَرسِ هِيَ بَلقيسُ في الخَمائِلِ صَرحٌ مِن عُبابٍ وَصاحَت غَيرُ نِكسِ حَسبُها أَن تَكونَ لِلنيلِ عِرساً قَبلَها لَم يُجَنَّ يَوماً بِعِرسِ لَبِسَت بِالأَصيلِ حُلَّةَ وَشيٍ بَينَ صَنعاءَ في الثِيابِ وَقَسِّ قَدَّها النيلُ فَاِستَحَت فَتَوارَت مِنهُ بِالجِسرِ بَينَ عُريٍ وَلُبسِ وَأَرى النيلَ كَالعَقيقِ بَواديهِ وَإِن كانَ كَوثَرَ المُتَحَسّي اِبنُ ماءِ السَماءِ ذو المَوكِبِ الفَخمِ الَّذي يَحسُرُ العُيونَ وَيُخسي لا تَرى في رِكابِهِ غَيرَ مُثنٍ بِخَميلٍ وَشاكِرٍ فَضلَ عُرسِ وَأَرى الجيزَةَ الحَزينَةَ ثَكلى لَم تُفِق بَعدُ مِن مَناحَةِ رَمسي أَكثَرَت ضَجَّةَ السَواقي عَلَيهِ وَسُؤالَ اليَراعِ عَنهُ بِهَمسِ وَقِيامَ النَخيلِ ضَفَّرنَ شِعراً وَتَجَرَّدنَ غَيرَ طَوقٍ وَسَلسِ وَكَأَنَّ الأَهرامَ ميزانُ فِرعَونَ بِيَومٍ عَلى الجَبابِرِ نَحسِ أَو قَناطيرُهُ تَأَنَّقَ فيها أَلفُ جابٍ وَأَلفُ صاحِبِ مَكسِ رَوعَةٌ في الضُحى مَلاعِبُ جِنٍّ حينَ يَغشى الدُجى حِماها وَيُغسي وَرَهينُ الرِمالِ أَفطَسُ إِلّا أَنَّهُ صُنعُ جِنَّةٍ غَيرُ فُطسِ تَتَجَلّى حَقيقَةُ الناسِ فيهِ سَبُعُ الخَلقِ في أَساريرِ إِنسي لَعِبَ الدَهرُ في ثَراهُ صَبِيّاً وَاللَيالي كَواعِباً غَيرَ عُنسِ رَكِبَت صُيَّدُ المَقاديرِ عَينَيهِ لِنَقدٍ وَمَخلَبَيهِ لِفَرسِ فَأَصابَت بِهِ المَمالِكَ كِسرى وَهِرَقلاً وَالعَبقَرِيَّ الفَرَنسي يا فُؤادي لِكُلِّ أَمرٍ قَرارٌ فيهِ يَبدو وَيَنجَلي بَعدَ لَبسِ عَقَلَت لُجَّةُ الأُمورِ عُقولاً طالَت الحوتَ طولَ سَبحٍ وَغَسِّ غَرِقَت حَيثُ لا يُصاحُ بِطافٍ أَو غَريقٍ وَلا يُصاخُ لِحِسِّ فَلَكٌ يَكسِفُ الشُموسَ نَهاراً وَيَسومُ البُدورَ لَيلَةَ وَكسِ وَمَواقيتُ لِلأُمورِ إِذا ما بَلَغَتها الأُمورُ صارَت لِعَكسِ دُوَلٌ كَالرِجالِ مُرتَهَناتٌ بِقِيامٍ مِنَ الجُدودِ وَتَعسِ وَلَيالٍ مِن كُلِّ ذاتِ سِوارٍ لَطَمَت كُلَّ رَبِّ رومٍ وَفُرسِ سَدَّدَت بِالهِلالِ قَوساً وَسَلَّت خِنجَراً يَنفُذانِ مِن كُلِّ تُرسِ حَكَمَت في القُرونِ خوفو وَدارا وَعَفَت وائِلاً وَأَلوَت بِعَبسِ أَينَ مَروانُ في المَشارِقِ عَرشٌ أَمَوِيٌّ وَفي المَغارِبِ كُرسي سَقِمَت شَمسُهُم فَرَدَّ عَلَيها نورَها كُلُّ ثاقِبِ الرَأيِ نَطسِ ثُمَّ غابَت وَكُلُّ شَمسٍ سِوى هاتيكَ تَبلى وَتَنطَوي تَحتَ رَمسِ وَعَظَ البُحتُرِيَّ إيوانُ كِسرى وَشَفَتني القُصورُ مِن عَبدِ شَمسِ رُبَّ لَيلٍ سَرَيتُ وَالبَرقُ طِرفي وَبِساطٍ طَوَيتُ وَالريحُ عَنسي أَنظِمُ الشَرقَ في الجَزيرَةِ بِالغَربِ وَأَطوي البِلادَ حَزناً لِدَهسِ في دِيارٍ مِنَ الخَلائِفِ دَرسٍ وَمَنارٍ مِنَ الطَوائِفِ طَمسِ وَرُبىً كَالجِنانِ في كَنَفِ الزَيتونِ خُضرٍ وَفي ذَرا الكَرمِ طُلسِ لَم يَرُعني سِوى ثَرىً قُرطُبِيٍّ لَمَسَت فيهِ عِبرَةَ الدَهرِ خَمسي يا وَقى اللَهُ ما أُصَبِّحُ مِنهُ وَسَقى صَفوَةَ الحَيا ما أُمَسّي قَريَةٌ لا تُعَدُّ في الأَرضِ كانَت تُمسِكُ الأَرضَ أَن تَميدَ وَتُرسي غَشِيَت ساحِلَ المُحيطِ وَغَطَّت لُجَّةَ الرومِ مِن شِراعٍ وَقَلسِ رَكِبَ الدَهرُ خاطِري في ثَراها فَأَتى ذَلِكَ الحِمى بَعدَ حَدسِ فَتَجَلَّت لِيَ القُصورُ وَمَن فيها مِنَ العِزِّ في مَنازِلَ قُعسِ ما ضَفَت قَطُّ في المُلوكِ عَلى نَذلِ المَعالي وَلا تَرَدَّت بِنَجسِ وَكَأَنّي بَلَغتُ لِلعِلمِ بَيتاً فيهِ ما لِلعُقولِ مِن كُلِّ دَرسِ


المراجع

  1. "Aḥmad Shawqī", britannica, Retrieved 24/5/2021. Edited.
  2. عمر الطباع، شوقي&hl=en&sa=X&ved=0ahUKEwjf5Paq0rfmAhVPKuwKHeinCegQ6AEIMDAB#v=onepage&q=أحمد ش&f=false الشوقيات، صفحة 5-6. بتصرّف.
  3. أمهاني محمد، عائشة الصديق، نهى بابكر، هناء محمد، أمير الشعراء أحمد شوقي، صفحة 3-4. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ديوان أحمد شوقي
  5. أحمد شوقي، ديوان الشوقيات، صفحة 260.